وكل مَا سواهُ إِنَّمَا يُحِبهُ لأَجله لاَ يحب
شَيْئًا لذاته إِلاَّ الله، فمَتى لم يحصل لَهُ هَذَا لم يكن قد حقق حَقِيقَة «لاَ
إِلَه إِلاَّ الله»، وَلاَ حقق التَّوْحِيد والعبودية والمحبة، وَكَانَ فِيهِ من
النقص والعيب بل من الأَلَم وَالحَسْرَة وَالعَذَاب بِحَسب ذَلِك.
****
اللهِ جل وعلا عَلَى عِبادَتهِ فَهَذا هُو
السَّعيدُ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَة، المُطمَئنُّ الوَاثِق مِن رَبِّه سبحانه
وتعالى.
فَالعبدُ
لاَ يَحصلُ عَلى الرَّاحَة وَالطُّمَأنينَةِ إِلاَّ بِعبادَةِ اللهِ سبحانه وتعالى،
وأمَّا إِذا لَم يُوَفَّق لِعِبادَة اللهِ وَحدَه؛ فَإنَّه لَن يَطمئِنَّ وَلَن
يَرتاحَ أَبدًا، وَحينئِذٍ يَكونُ قَد فَقَدَ أَصلَ الطُّمَأنينَةِ وَأصلَ
الرَّاحَة، وَالدُّنيَا لاَ يَطمئِنُّ إلَيهَا وَلا يَركَنُ إِليهَا المُؤمنُ
لأنَّهَا تَزولُ، والأصْحابُ والأعْوانُ والجُنودُ كذَلكَ إِلى زَوالٍ، ولا يَبقَى
إلاَّ مَا بَين العَبدِ وَبينَ رَبِّه؛ لأنَّهُ سبحانه وتعالى هُوَ الذِي
تَألَهُهُ القُلُوبُ وَتُحبُّه، وَتلتَذُّ بِطَاعتِهِ، وَتأنَسُ بقُربِه سبحانه
وتعالى، فَهَذهِ كُلُّها فَوائِدُ العُبودِيَّة وَثمرَاتُهُا وَنتائِجُهَا.
وَلِهذا
قَالَ: «وَكلُّ مَا سِواهُ إِنمَا يُحبُّه
لأِجلِهِ»: أَي: فَلا يُحبُّه لِذاتِهِ، وَإنَّما يُحبُّه لأِجلِ اللهِ
سُبحَانهُ وَتعالَى، إِذا كَانَ مَحبُوبهُ مِن عِبَاد اللهِ المُؤمنِينَ فَإنَّه
يُحبُّه لأِجلِ اللهِ سبحانه وتعالى.
قَولُه:
«لاَ يُحِبُّ شَيئًا لِذاتِهِ إِلا اللهَ»:
لاَ يُحَبُّ شَيءٌ لِذاتِه إِلا اللهُ جل وعلا، وَأمَّا غَيرُ اللهِ فإنَّه لاَ
يُحبُّ لِذاتِه، وَإنَّما يُحبُّ لِغرضٍ مِن الأغْراضِ، وَحاجَةٍ مِن الحَوائجِ.
وإِذَا
فَقَد العَبدُ الطُّمأنِينةَ، وَالأنْسَ باللهِ، فَإنهُ لَم يُحققْ لاَ إلهَ إلاَّ
اللهَ؛ لأنَّ مَعنى «لاَ إِلَه إِلا
اللهَ» أَي: لاَ مَعبُودَ بِحقٍّ إِلا اللهَ سبحانه وتعالى،