×
شرح كتاب العبودية

وَلِهَذَا كَانَ فِرْعَوْن من أعظم الخلق استكبارًا عَن عبَادَة الله، وَكَانَ مُشْركًا. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِ‍َٔايَٰتِنَا وَسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٍ ٢٣إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَقَٰرُونَ فَقَالُواْ سَٰحِرٞ كَذَّابٞ ٢٤ [غافر: 23- 24]

****

  قَوْله: «وَلِهَذا كَانَ فِرعون مِن أَعْظَم الخَلْق اسْتِكبَارًا عَن عِبادَة اللهِ، وَكان مُشْركًا»: كَان مُشرِكًا لأَنَّه ادَّعَى الرُّبُوبيَّة فَجَعل نَفسَه شَريكًا للهِ سبحانه وتعالى، قَال: ﴿أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ [النازعات: 24]، مَعَ أنَّه يَعلَم فِي قَرارَةِ نَفسِه أَنْ لاَ رَبَّ إِلاَّ اللهَ جل وعلا، وَلكنْ حَمَله الاسْتكبَارُ وَالطُّغيَانُ عَلى أنْ جَعَل نَفسَه شَريكًا للهِ فِي الرُّبوبِيَّة.

وَقِصَّة فِرعونَ مَع مُوسَى ذَكرَها اللهُ فِي مَواضعَ مِن القُرآنِ للعِبرَة والعِظةِ، وَمن المَوَاضِعِ التِي ذَكَرها اللهُ فِيها «سُورَة غَافِر»: قَالَ تَعَالى: ﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِ‍َٔايَٰتِنَا وَسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٍ [غافر: 23]، وَالآيَاتُ هِي: المُعجِزَات، وَسُلطَان: أي حُجَّة ظَاهِرة، ﴿إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَقَٰرُونَ فَقَالُواْ سَٰحِرٞ كَذَّابٞ [غافر: 24] جَحَدوا رِسَالَة مُوسَى وَوصَفوهُ بأنَّه سَاحرٌ وأنَّه كَذَّاب اسْتكبَارًا.

وَلِهذا قَال مُوسَى عليه السلام: ﴿إِنِّي عُذۡتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٖ لَّا يُؤۡمِنُ بِيَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ، فَمَا منَعَهم مِن اتبَاع مُوسى إِلا الكِبر الذِي مَنَع فِرعَونَ، وَإلاَّ فَهوَ يَعلَم فِي قَرارةِ نَفسِه أنَّ مُوسى صَادقٌ، وَأن اللهَ هُو الرَّبُّ وَحده.

ولِهَذا قَال لَه مُوسى لمَّا جَاءه بِتسْع آيَات وَلم يُؤمِن: ﴿قَالَ لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَآ أَنزَلَ هَٰٓؤُلَآءِ إِلَّا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَٰفِرۡعَوۡنُ مَثۡبُورٗا [الإسراء: 102]، وَقَال تعَالى: ﴿وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا


الشرح