هَذَا أسَاسُ دَعوةِ الرُّسلِ، الأمْرُ بِعبادَة
اللهِ وترْكِ عِبادَة ما سِواهُ.
خَلق
اللهُ الإِنسَان لعِبَادَته، قَالَ تعَالى: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا
لِيَعۡبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، فَإذَا
عَبَد غَيرَ اللهِ صَار مُشركًا، حتَّى وَلو عَبَد اللهَ إِذَا عَبَد مَعَهُ غَيرَه
صَار مُسْتَكبرًا عَن عِبَادة اللهِ مُشرِكًا.
فَالكَافر
مُستكبِرٌ عَن عِبَادة اللهِ التِي خُلِق مِن أجْلِها، والاسْتكبَار والشِّركُ
مُتلازِمان، قَال تَعَالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ
يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60]، فَالمُستكبِر إمَّا أنْ يَكونَ مُستكبِرًا
لاَ يَعبُد شَيئًا، وإمَّا أَن يَكونَ مُستكبِرًا مُشركًا يَعبُد غَير اللهِ
فَيكونُ مُستكْبِرًا مُشرِكًا.
فالمَلاحِدَة
يُنكرُون الرَّبَّ فِي ظَاهِرهم، وَيعتَرفُون بِه فِي بَاطِنهِم، فَكُلُّ عَاقلٍ
يَعرفُ أَنَّ هَذا الكَون لَم يُوجدْ نَفسَه وَلم يَخلُقْ نَفسَه، وإنَّمَا لَه
خَالقٌ، قَال تَعَالى: ﴿أَمۡ خُلِقُواْ
مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ ٣٥أَمۡ خَلَقُواْ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۚ
بَل لَّا يُوقِنُونَ ٣٦﴾
[الطور: 35- 36]، فَكُل عَاقِل يُدرك ذَلك، سَواءً اعْترفَ بِه ظَاهرًا وَباطنًا
أو اعْتَرف بِه بَاطنًا وَأنكَرَه ظَاهرًا، كَفِرعونَ وَغيرِهِ مِن المُستَكبرِين.
وَالمشْرِكونَ
لَم يدَّعُوا أنَّ آَلهتَهُمْ تَخلقُ شَيئًا، فَقَد تَحدَّاهُم اللهُ فَقَال: ﴿أَرُونِي
مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكٞ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِۖ﴾ [الأحقاف: 4] فَلمْ يُجِيبُوا.