×
شرح كتاب العبودية

إِمَّا المَال وَإِمَّا الجاه، وَإِمَّا الصُّور، وَإِمَّا مَا يَتَّخِذهُ إِلَهًا من دون الله كَالشَّمْسِ وَالقَمَر وَالكَوَاكِب، والأوثان، وقبور الأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ، أَو من المَلاَئِكَة والأنبياء الَّذين يتخذهم أَرْبَابًا، أَو غير ذَلِك مِمَّا عبد من دون الله.

وَإِذا كَانَ عبدًا لغير الله يكون مُشْركًا، وكل مستكبر فَهُوَ مُشْرك؛

****

قَال يُوسُف لأِصحَاب السِّجنِ لَمَّا دَعَاهُم إِلى اللهِ وَهُم مُشركون: ﴿يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ ءَأَرۡبَابٞ مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ [يوسف: 39].

قَولُه: «فَيَكونُ عَبدًا لِذَلك المُرادِ المحبُوبِ»: فَمن اسْتَكبَر عَن عِبَادة اللهِ ابتُلِيَ بعِبَادةِ غَيرِ اللهِ؛ حَيث إنَّه لاَ يُمكنُ أَن يَبقَى مِن دُون عِبَادة، وَهَذا شَيءٌ مُشاهَد وَواقِع قَديمًا وَحَديثًا، وَكلٌّ يَعبدُ مَا تتَّجِه إِليهِ إِرادَتُهُ.

«إِمَّا المَال، وَإِمَّا الجَاه، وإمَّا الصُّوَر»: أي: صُورُ النِّساءِ والعِشقُ وَالغَرامُ والشَّهَوات، فيكُونُ عَبدًا لِشهوَتِه.

أو «قُبُور الأنْبِياء والصَّالحِين أَو مِن المَلائكَة والأنْبياءِ»: وَهذا مِن الانْحطاطِ أنْ يلجَأ الإِنسانُ العَاقلُ إِلى مَيتٍ، فَإنه يَستغِيث بهِ وَيدعُوه وَيتضرَّع إِليهِ، وَيذبحُ لَه وينْذِر لَه وَهو مَيتٌ لاَ يملِك لِنفسِه شَيئًا.

واللهُ لَم يَأذن أَن يُعبَد غَيرُه، لاَ مَلكٌ مُقربٌ وَلا نَبيٌّ مُرسَل، لأنَّ العِبادةَ حَقٌّ للهِ وَكلُّ الأنبياءِ دَعوا إِلى عِبادَة اللهِ وَترك عِبَادة مَا سِواه، قَال تَعَالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ [الأنبياء: 25]، كُلُّ رَسولٍ يُبْعثُ بِهذا، قَال تعَالَى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النحل: 36]،


الشرح