وَهُوَ شَبيه بقول اليَهُود وَالنَّصَارَى: ﴿نَحۡنُ
أَبۡنَٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰٓؤُهُۥۚ﴾ [المائدة: 18]، قَالَ الله
تَعَالَى: ﴿قُلۡ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم
بِذُنُوبِكُمۖ بَلۡ أَنتُم بَشَرٞ مِّمَّنۡ خَلَقَۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ
وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ﴾ [المائدة: 18]، فَإِن تعذيبه لَهُم بِذُنُوبِهِمْ
يَقْتَضِي أَنهم غير محبوبين وَلاَ منسوبين إِلَيْهِ بِنسَبه البُنُوَّة، بل
يَقْتَضِي أَنهم مربوبون مخلوقون.
****
قولُه:
«وَمَنْ عَبَدَهُ بِالرَّجَاءِ وَحْدَهُ
فَهُوَ مرْجِئٌ»؛ فالمُرجِئ يَعبدُ اللهَ بالرَّجاءِ فَقط ولا يَخافُ وَيقولُ:
لاَ يَضرُّ مَع الإيمَان مَعصِيةٌ.
قولُه:
«وَمَنْ عَبَدَهُ بِالخْوفِ وَحْدَهُ
فَهُوَ حروري»؛ حَرورِيٌّ يَعني خَارجِيٌّ، هَذه عبَادَة الحَرورِيَّة وَهُم
الخوَارِج، سُمِّي الخَوارجُ بِالحرُوريَّة لأنَّهم اجْتمَعوا فِي مكَان فِي
العِراق يُسمَّى حَرُورا.
قَولُه:
«وَمَنْ عَبَدَهُ بِالحبِّ وَالخَوْفِ وَالرَّجَاءِ
فَهُوَ مُؤْمِنٌ مُوَحِّدٌ»؛ فَالعبَادَة هِي مَجموعُ المحَبَّة والخَوفِ
والرَّجَاء، فمَن جَمع هَذهِ الأمُورِ الثَّلاثَة فَهوَ المُؤمنُ حَقًّا.
*
هَذا فيهِ بَيانُ سَلبيَّات مَن عَبدَ اللهَ بِالمَحبَّة فَقط وَهُم الصُّوفيَّة.
فَقولُه:
«وَهَذَا بَابٌ وَقَعَ فِيهِ كَثِيٌر مِنْ
الشُّيُوخِ»؛ يَعنِي: الصُّوفيَّة الذِينَ انْحرفَت بِهم دَعوَى المَحبَّة
للهِ حَتى تَركوا أَمرَه ونَهيَه وَزعمُوا سُقوطَ التَّكاليفِ عَنهُم لأنَّهم
وصَلوا إلَى اللهِ تَعَالى.
قولُهُ: «وَهُوَ شَبيه بقول اليَهُود وَالنَّصَارَى ﴿نَحۡنُ
أَبۡنَٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰٓؤُهُۥۚ﴾»؛ اليهُودُ
والنَّصَارى غَلَوا فِي دَعْوى المَحبَّة حَتَّى زَعموا أنَّهم أبْناءُ اللهِ
وأحِبَّاؤه فَردَّ اللهُ عليهِم بِقولِه: ﴿قُلۡ
فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُمۖ﴾ [المائدة: 18]، فإنَّ المُحبَّ لاَ
يعذِّب أحْبابَه؟