﴿وَٱتَّقُوهُ﴾؛ أَيِ: اتَّقوا الله سبحانه وتعالى بِامْتِثَالِ
أَوَامِرِهِ، وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، ﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ﴾،
وقد عَطَفَهَا اللهُ على التَّقْوَى، وهي منها؛ للاهتمام بها؛ ممَّا يَدُلُّ على
أهمِّيَّة الصَّلاة، ﴿وَلَا
تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾
الَّذِينَ انْحَرَفَتْ فِطْرَتُهُم، وَعَبَدُوا غَيْرَ الله؛ مِنَ الأصنام
والأشجار والأحجار والشَّهَوَات والأطماع؛ ﴿مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ
شِيَعٗاۖ﴾.
فَمِنَ
الطَّبيعيِّ أنَّ النَّاسَ إذا تركوا الدِّين الصَّحيح، فإنَّهم يُبْتَلُون
بالأَدْيَانِ الباطلة، ولا يستقرُّون، ولا يجتمعون على دِينٍ، ولذلك فإنَّ
المشركين متفرِّقون في معبوداتهم؛ بِخِلافِ الموحِّدين المسلمين؛ فَدِينُهُم
وَاحِدٌ، وَكَلِمَتُهُم وَاحِدَةٌ؛ لأنَّ مَعْبُودَهُمْ وَاحِدٌ.
أمَّا
المشركون فَكُلُّ وَاحِدٍ يريد صَنَمًا يَعْبُدُهُ وَحْدَهُ، ويرى أنَّه أَحْسَنُ
مِنْ صَنَمِ غَيْرِهِ، ﴿وَكَانُواْ
شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ﴾؛
فَهُمْ لا يُدْرِكُونَ أنَّهم مخطئون، بل كُلٌّ يَدَّعِي أنَّه مُصِيبٌ،
وَيَفْرَحُ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الباطل، فلا يَرْجِعُ عنه.
أمَّا
لو أنَّ الإنسان إذا أخطأ شَكَّ في أمره، فإنَّه حَرِيٌّ أن يَتُوبَ، وَأَمَّا إذا
كان مُقْتَنِعًا بما هو عليه مِنَ الباطل، وَفَرِحًا به، فهذا لا يُمْكِنُ أَنْ
يَتُوبَ وَالعِيَاذُ بالله.