×
شرح كتاب العبودية

وَقدْ جَعَلَ الله - سُبْحَانَهُ - إِبْرَاهِيمَ وَآلَ إِبْرَاهِيمَ أَئِمَّةً لهَؤُلاَءِ الحُنَفَاءِ المُخْلِصِينَ أَهْلِ محبَّةِ الله وَعِبَادَتِهِ وَإِخْلاصِ الدِّين لَهُ، كَمَا جَعَلَ فِرْعَوْنَ وَآلَ فِرْعَوْنَ أَئِمَّةَ الْمُشْركِينَ المُتَّبِعِينَ أَهْوَاءَهُم؛ قَالَ تَعَالَى فِي إِبْرَاهِيمَ: ﴿وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ نَافِلَةٗۖ وَكُلّٗا جَعَلۡنَا صَٰلِحِينَ ٧٢وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِمۡ فِعۡلَ ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَوٰةِۖ وَكَانُواْ لَنَا عَٰبِدِينَ ٧٣ [الأنبياء: 72- 73]، وَقَالَ فِي فِرْعَوْن وَقَومه: ﴿وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا يُنصَرُونَ ٤١وَأَتۡبَعۡنَٰهُمۡ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا لَعۡنَةٗۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ هُم مِّنَ ٱلۡمَقۡبُوحِينَ ٤٢ [القصص: 41- 42]

****

  قوله: «وَقَدْ جَعَلَ الله سُبْحَانَهُ إبْرَاهِيمَ أُمَّةً»: أي: قُدْوَةً لِمَنْ جَاءَ بَعْدَهُ مِنَ المُوَحِّدِينَ والحُنَفَاءِ، كما قال الله له: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامٗاۖ [البقرة: 124]؛ فَهُوَ إمام الموحِّدين إلى أن تقوم السَّاعة، وكذلك أَتْبَاعُهُ من الأَنْبِيَاءِ والمُرْسَلِينَ الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ أَيْضًا هم أئمَّة؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلۡنَا مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ وَكَانُواْ بِ‍َٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة: 24]؛ فَإِبْرَاهِيمُ وَأَتْبَاعُهُ وَذُرِّيَّتُهُ أَئِمَّةٌ للمسلمين.

«كَمَا جَعَلَ فِرْعَوْنَ وَآلَ فِرْعَوْنَ أَئِمَّةَ المُشْرِكِينِ المُتَّبِعِينَ أَهْوَاءَهُمْ»: قال الله تعالى عن فرعون وقومه: ﴿وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا يُنصَرُونَ ٤١وَأَتۡبَعۡنَٰهُمۡ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا لَعۡنَةٗۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ هُم مِّنَ ٱلۡمَقۡبُوحِينَ ٤٢ [القصص: 41- 42]؛ فَفِرْعَوْنُ وَأَتْبَاعُهُ صَارُوا - والعياذ بالله - أَئِمَّةً لأَهْلِ الضَّلال والشِّرْكِ، وَقَادَةً لهم، يَقُودُونَهم إلى النَّار، وَإِبْرَاهِيمُ وَآَلُهُ قُدْوَةٌ لأَهْلِ التَّوحيد يَقُودُونَهُم إلى الجنَّة.


الشرح