وَلِهَذَا يَصِيرُ أَتْبَاعُ فِرْعَوْنَ أَوَّلاً
إِلَى أن لا يميِّزوا بَين مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرْضَاهُ، وَبَيْنَ مَا قَدَّرَ
اللهُ وَقَضَاهُ؛ بَلْ يَنْظُرُونَ إِلَى الْمَشِيئَةِ الْمُطلقَةِ الشَّامِلَةِ.
****
وقال
تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿وَوَهَبۡنَا
لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ نَافِلَةٗۖ وَكُلّٗا جَعَلۡنَا صَٰلِحِينَ ٧٢وَجَعَلۡنَٰهُمۡ
أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِمۡ فِعۡلَ ٱلۡخَيۡرَٰتِ
وَإِقَامَ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَوٰةِۖ وَكَانُواْ لَنَا عَٰبِدِينَ ٧٣﴾ [الأنبياء: 72- 73]؛ فكما أنَّ الله اتَّخَذَ إبراهيم
خليلاً، وَجَعَلَهُ إمامًا للمسلمين، فكذلك جَعَلَ الله من ذرِّيَّته أئمَّة
للمسلمين؛ ﴿وَجَعَلۡنَٰهُمۡ
أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا﴾.
وقوله:
«وَلِهَذَا يَصِيرُ أَتْبَاعُ فِرْعَوْنَ»:
مِنْ أَهْلِ الضَّلال، وَكُلُّ ضَالٍّ وَكُلِّ كَافِرٍ وَكُلِّ مُشْرِكٍ فَهُوَ
مِنْ أَتْبَاعِ فرعون.
«أَوَّلاً إلَى أَنْ لاَ
يُمَيِّزُوا بَيْنَ مَا يُحِبُّهُ الله وَيَرْضَاهُ. وَبَيْنَ مَا قَدَّرَ الله
وَقَضَاهُ؛ بَلْ يَنْظُرُونَ إلَى المشِيئَةِ المُطْلَقَةِ الشَّامِلَةِ»:
فَأَهْلُ الضَّلالِ لا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ ما شرعه الله وما قَدَّرَ الله؛ فما
شَرَعَهُ الله فهو يَرْضَاهُ، وأمَّا القضاء والقَدَرُ فقد يرضاه اللهُ وقد لا
يرضاه؛ لأنَّه يُقَدِّرُ الخير والشَّرَّ؛ يُقَدِّرُ الكُفْرَ والإيمان، يُقَدِّرُ
الهُدَى والضَّلالَ.
فالمَقْضِيُّ
والمُقَدَّرُ منه ما هو مَحْبُوبٌ وَمَرْضِيٌّ، وَمِنْهُ ما هو مَكْرُوهٌ
وَمُبْغَضٌ وَمَسْخُوطٌ، والله خَلَقَهُ ابْتِلاءً وَامْتِحَانًا للعِبَادِ، وَمَا
شَرَعَهُ اللهُ فَهُوَ مَرْضِيٌّ له سبحانه.
فَهُنَاكَ فَرْقٌ بين الشَّرع والقَدَر؛ الشَّرْعُ يحبُّه الله وَيَرْضَاهُ، وأمَّا المَقْضِيُّ وَالمُقَدَّرُ فَقَدْ يُحِبُّهُ، وَقَدْ لا يُحِبُّهُ.