فالكَائِنَاتُ كُلُّهَا آَيَاتٌ قَائِمَةٌ
بِذَاتِهَا؛ السَّماوَاتُ، والأَرْضُ، والبِحَارُ، والجِبَالُ، والرِّيَاحُ،
والسَّحَابُ المسخَّر بين السَّماء والأرض، كلُّها مِنْ آَيَاتِ الله الكونيَّة؛
يتبصَّر بها الإِنْسَانُ، وَيَعْرِفُ بِهَا عَظَمَةَ الله وَقُدْرَتَهُ
وَرَحْمَتَهُ؛ فهي ليست كما يقول الصُّوفيَّة ليس لها وُجُودٌ، ويَعْتَبِرُونَ من
العبادة أن لا تَرَى إلاَّ اللهَ.
قوله:
«فَيَكُونُ لهُمْ فِيهَا تَبْصِرَةٌ
وَذِكْرِى»؛ أَيْ: هذه المَخْلُوقَاتُ والكَائِنَاتُ تُقَوِّي إيمانَهم بالله،
وَتَزِيدُهُم بَصِيرَةً؛ فَهِيَ لم تُخْلَقْ عَبَثًا.
قوله:
«ولا ظَهَرَ عليه ذلك»: أي: لم
يَظْهَرْ على الرَّسول لَمَّا رَأَى من آيات ربِّه الكبرى؛ لا سَكِرَ، ولا غَشِيَ،
وإنَّما زَادَهُ هذا إيمانًا بالله، وَيَقِينًا بالله، وَثَبَاتًا على دِينِهِ،
ولم يتغيَّر حَالُهُ إلى سُكْرٍ أو غشيٍّ أو غير ذلك.
قوله:
«بِخِلاَفِ مَا كَانَ يَظْهَرُ عَلَى
مُوسَى مِنْ التَّغَشِّي»: وذلك لَمَّا تَجَلَّى اللهُ للجَبَلِ فَجَعَلَهُ
دكًّا؛ خَرَّ مُوسَى صَعِقًا، مَغْشِيًّا عَلَيْهِ مِنَ المَشْهَدِ الَّذِي
رَآَهُ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: ﴿سُبۡحَٰنَكَ تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [الأعراف: 143].