×
شرح كتاب العبودية

وَأما النَّوْع الثَّالِث - مِمَّا قد يُسمى فنَاء -: فَهُوَ أَن يشْهد أَن لاَ مَوْجُود إِلاَّ الله، وَأَن وجود الْخَالِق هُوَ وجود الْمَخْلُوق، فَلاَ فرق بَين الربِّ وَالْعَبْد، فَهَذَا فنَاء أهل الضَّلال والإِلحاد الواقعين فِي الْحُلُول والاتحادِ.

****

النَّوع الثَّالث: من أنواع الفنَاء فناءُ الموجُودات، فهم يقولون: لا موجُود إلا الله، فالوجُود كلُّه هو الله.فليس هناك خالقٌ ومخلوقٌ، وإنَّما الوجُود كله هو الله جل وعلا، وهذا مذهب أهلِ وحدة الوجودِ - كما سبق -.

قوله:«فَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ أَنْ لاَ مَوْجُودَ إِلاَّ الله، وَأَنَّ وُجُودَ الخالِقِ هُوَ وُجُودُ المخْلُوقِ»: وهذا النَّوع باطلٌ، وهو مذهب أهل وحدةِ الوجودِ الذين يقولون: «لا إِله إِلاَّ الله» معناها: لا موجُود إلا الله. فالذي يرى أنَّ هذا الكونَ فيه موجودٌ آخر مشركٌ، وأمَّا من يرى أن الكونَ كلَّه هو اللهُ،وليس هناك مخلوقٌ وخالقٌ فهو الموحِّدُ عندهم - نسأل الله العافية -، وهذا كفرٌ وضلالٌ وإلحَادٌ، إِذ يرون أنَّه لا فارق بين الخالقِ والمخلوقِ، وأن أيَّ شيءٍ عبدتَه فقد عبدتَ الله؛ لأنَّه هو الله،فلو تعبَّد الكلبَ، وتعبَّد القطَّ، وتعبد البقرَ، وتعبَّد الشَّمس والقمَر؛ كلها هي الله.

ومن ترك دينَ الأنبيَاء وقع في مثل هذا، ومَن ترَك الحقَّ وقع في البَاطل، ﴿فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَٰلُۖ [يونس: 32]، وتوحيد الأَنبيَاء والمرسلين هو معنى «لا إِله إِلاَّ الله»، قال تعالى: ﴿لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ [النحل: 2].


الشرح