×
شرح كتاب العبودية

وَأَكَابِر الأَْوْلِيَاء كَأبي بَكْرٍ وَعُمَرَ والسَّابقين الأَْوَّلِينَ من الْمُهَاجِرين وَالأَْنْصَار: لم يَقَعُوا فِي هَذَا الفَنَاء، فَضْلاً عَمَّنْ هُوَ فَوْقَهُم مِنَ الأَْنْبِيَاءِ، وَإِنَّمَا وَقعَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا بَعْدَ الصَّحَابَةِ.

وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ هَذَا النَّمَطِ مِمَّا فِيهِ غَيْبَةُ الْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ لِمَا يَرِدُ على القَلْبِ مِنْ أَحْوَالِ الإِْيمَانِ؛ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم كَانُوا أَكْمَلَ وَأَقْوَى وَأَثْبَتَ فِي الأَْحْوَالِ الإيمانيَّة مِنْ أَنْ تَغِيبَ عُقُولُهمْ، أَوْ يَحْصُلُ لَهُمْ غشيٌّ أَو صَعْقٌ أَو سُكْرٌ أَو فَنَاءٌ أَو وَلَهٌ أَو جُنُونٌ، وَإِنَّمَا كَانَ مَبَادِئُ هَذِهِ الأُْمُورِ فِي التَّابِعِينَ مِنْ عُبَّادِ الْبَصْرَةِ،

****

قوله: «أَوْ يَحْصُلَ لُهمْ غَشْيٌ أَوْ صَعْقٌ أَوْ سُكْرٌ أَوْ فَنَاءٌ أَوْ وَلَهٌ أَوْ جُنُونٌ»: كَمَا يَحْصُلُ للصُّوفيَّة.

قوله: «وَإِنَّمَا كَانَ مَبَادِئُ هَذِهِ الأُْمُوِر فِي التَّابِعِينَ مِنْ عُبَّادِ الْبَصْرةِ»: فأوَّلُ مَا حَصَلَ التَّصَوُّفُ في أهل البَصْرَةِ؛ فَهُمُ الَّذِينَ ابْتَدَءُوا التَّصَوُّفَ، وكانَّ أوَّلَهُ عِبَادَةٌ وَزُهْدٌ، وكان عندهم اعتدال وخشوع وخوف من الله، وعندهم اتِّباع للكتاب والسُّنَّة، ولكن تَطَوَّرَ هذا فِيمَنْ بَعْدَهُم، حتَّى وَصَلَ إلى الضَّلال وإلى الكفر، وكذلك البِدَعُ وإن كانت في أوَّلِهَا صَغِيرَةٌ، فإنَّها تَؤُولُ إلى الشَّرِّ؛ فالَّذي يُرِيدُ الخَيْرَ وَيُرِيدُ الحَقَّ والسَّلامَةَ، يَتَمَسَّكُ بالكتاب والسُّنَّةِ، وما كان عليه السَّلَفُ الصَّالِحُ.


الشرح