×
شرح كتاب العبودية

قولُه: «فَيَكُونُ نَاظِرًا إلَى الْفَرقِ بَيْنَ الخالِقِ وَالمخْلُوقِ»: خِلافًا لأهْلِ وحْدةِ الوجُودِ.

قوله: «يَشْهَدُ تَفَرُّقَ المخْلُوقَاتِ وَكَثْرَتَهَا مَعَ شَهَادَتِهِ أَنَّ اللهَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ وَخَالِقُهُ»: أي: يعرِفُ وحدَةَ الخالقِ وتفرُّقَ المخلوقاتِ، فالخالقُ واحدٌ، هو الواحِدُ القهَّارُ، لا أحدَ يخلُقُ معهُ سُبحانه وتَعَالى، هل يُمكِنُ لأحدٍ أنْ يُوجِدَ شيئًا مَعدومًا؟! لا ُيوجدُه إلا اللهُ سبحانه وتعالى، فهو الخَلاَّقُ وهو الخَالقُ، وهو الواحِدُ القهَّارُ سُبحانَه وتعالى، فلا بدَّ أنْ يَعرِفَ هذا، ويعرِفَ أنَّ المخلوقاتِ مهْما تعدَّدتْ وتنوَّعَتْ وتكاثَرَتْ؛ فإنَّها كلَّها مخلوقةٌ للهِ عز وجل بقدرتِه وإرادتِه ومشيئتِه سبحانه وتعالى؛ وهذا فيه الرَّدُّ على من يَنفِي التَّعدُّدَ والانقسامَ في الكوْنِ، وهم غُلاةُ الصُّوفيَّةِ.

من وَصَلَ إلى هذا الحدِّ فهو المُوحِّدُ التَّوحيدَ الصَّحيحَ، وهو الَّذي عرَفَ ربَّه وعَرَفَ المخلوقاتِ وفرَّقَ بينَها، وهو العبْدُ المُوحِّدُ، وهو المُؤمنُ، وهذا ما عليه الأنبياءُ والمرسلُونَ وأَتْبَاعُهم إلى يومِ القيامةِ؛ فاللهُ خالقُ كلِّ شيْءٍ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، كلُّ شيءٍ فهو مخلوقٌ للهِ سبحانه وتعالى، لا أحَدَ يَخلُقُ مع اللهِ، قال تَعَالى: ﴿أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ ٣٥أَمۡ خَلَقُواْ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ ٣٦ [الطور: 35- 36]، الخالقُ هو اللهُ جل وعلا.


الشرح