وأمثالُ ذَلِك مِمَّا اسْتُعْمِلَ فِيهِ لفْظُ
الْكَلِمَةِ في الْكتابِ وَالسُّنَّةِ، بل وَسَائِر كَلاَم الْعَرَب فَإِنَّمَا
يُرَاد بِهِ الْجُمْلَةُ التَّامَّةُ، كَمَا كَانُوا يستعمِلُون الْحَرْفَ فِي
الاِسْمِ، فَيَقُولُونَ: هَذَا حَرْفٌ غَرِيب. أَي لفظَ الاِسْم غَرِيب.
وَقسَّمَ
سِيبَوَيْهِ الْكَلاَمَ إِلَى اسْمٍ وَفعْلٍ وحرْفٍ جَاءَ لِمَعْنى، لَيْسَ باسم
وَلاَ فعل. وكل من هَذِه الأَْقْسَام يُسمَّى حرْفًا لَكِن خَاصَّةً الثَّالِث
أَنه حرف جَاءَ لِمَعْنى لَيْسَ باسم وَلاَ فعل؛ وسمى حُرُوف الهجاء باسْمِ الْحَرْفِ
وَهِيَ أَسمَاءٌ، وَلَفْظُ الْحَرْفِ يتَنَاوَلُ هَذِه الأَْسْمَاءَ وَغَيرَهَا؛
كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فأعْرَبَه
فَلهُ بِكُلِّ حرْفٍ عشْرُ حَسَنَاتٍ: أما أنِّي لاَ أَقُولُ ﴿الٓمٓ﴾ حرفٌ وَلَكِنْ
ألفٌ حرْفٌ وَلاَمٌ حرْفٌ وَمِيمٌ حرْفٌ» ([1])، وَقد سَأَلَ
الْخَلِيلُ أَصْحَابَه عَنِ النُّطْقِ بِحرفِ الزَّاي من زيد فَقَالُوا: زَاي،
فَقَالَ: جئْتُمْ بِالاِسْمِ وَإِنَّمَا الْحَرْف «ز».
****
قوله: «وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا اسْتُعْمِلَ فِيهِ لَفْظُ الْكَلِمَةِ فِي
الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، بَلْ وَسَائِرُ كَلاَِم الْعَرَبِ فَإِنَّمَا يُرَادُ
بِهِ الجُمْلَةُ التَّامَّةُ»: وليس المرادُ به ما تقولُه الصُّوفيَّة،
الكلمةُ الاسمُ المفردُ اللهُ أو هو.
قوله: «وَقَدْ سَأَلَ الخلِيلُ أَصْحَابَهُ عَنْ النُّطْقِ بَحَرْفِ الزَّايِ مِنْ زَيْدٍ فَقَالُوا: زَايٌ، فَقَالَ: جِئْتُمْ بِالاِسْمِ، وَإِنَّمَا الحرْفُ «ز»»: الخليلُ بنُ أحمدَ الفراهيديُّ رحمه الله من أئمَّةِ اللغةِ، وهو الذي ابتَكَرَ علمَ العُروضِ في الشِّعْرِ. زاي: اسم، بينما «ز» حرْف والفرْقُ بينهما أن زايَ ليستْ حرْفًا واحدًا، بينهما «ز» حرف واحد.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2910)، والطبراني في «الكبير» رقم (8646)، والبيهقي في «الشعب» رقم (1830).