×
شرح كتاب العبودية

وَكَذَلِكَ مَا فِي الْقُرْآن من قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ [الأنعام: 121]، وَقَولِه: ﴿فَكُلُواْ مِمَّآ أَمۡسَكۡنَ عَلَيۡكُمۡ وَٱذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهِۖ [المائدة: 4]، إِنَّمَا هُوَ قَولُ: بِسمِ اللهِ، وَهَذِه جملَةٌ تَامَّةٌ، إِمَّا اسميَّةٌ على أظْهَرِ قولي النُّحَاةِ، أَو فعليَّةٌ؛ وَالتَّقْدِيرُ ذَبحي بِسم الله، أَو أذبَحُ بِسمِ اللهِ، وَكَذَلِكَ قَولُ الْقَارئِ: «بِسمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» فتقديرُه: قراءتي بِسم الله؛ أَو اقْرَأ باسمِ اللهِ. وَمن النَّاسِ مَن يُضمِرُ فِي مِثْلِ هَذَا ابتدائِي بِسمِ اللهِ؛ أَو ابتدأْتُ بِسمِ اللهِ. وَالأْوَّلُ أحسَنُ؛ لأَِنَّ الْفِعْلَ كُلَّه مفعولُ باسمِ اللهِ، لَيْسَ مُجَرّدَ ابْتِدَائِه كَمَا أظَهَرَ الْمُضمَرَ فِي قَوْلِه: ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ [العلق: 1]، وَفِي قَوْلِه: ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ مَجۡرٜىٰهَا وَمُرۡسَىٰهَآۚ [هود: 41]،

****

 مِن شُبَهِهم في قولِه تَعَالى: ﴿وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ [الأنعام: 121] يقولون: أي: لم يَقُلْ عليه «الله»: وليس هو المراد بقوله: ﴿وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ بل المراد: لم يقل الذابح باسم الله، ولكنَّهم يُحَرِّفونَ الكلِمَ عن مَوَاضِعِه، وقد فسَّرَه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بأنْ يقولَ: باسمِ اللهِ على الذبيحةِ ([1]).

قوله: «وَالتَّقْدِيرُ ذَبْحِي بِاسْمِ اللهِ»: وهيَ جملةٌ اسميَّةٌ، «أَوْ أَذْبَحُ بِاسْمِ اللهِ» وهي جملة فعليَّةٌ، فعلى كل حال لا بد أن يكونَ جملةً: إما اسميَّة، أو فعليَّة، ولا يكفي أن تقولَ اسْمًا مُفْردًا.

قوله: «وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْقَارِئِ «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» فَتَقْدِيرُهُ: قِرَاءَتِي بِسْمِ اللهِ؛ أَوْ أَقْرَأُ بِسْمِ اللهِ»؛ لأنَّ الجارَ والمجرورَ لا بدَّ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5558).