فأخْلَصُوا دِينَهم للهِ، وَأَسْلَمُوا وُجُوهَهُم
للهِ، وأنَابُوا إِلَى رَبِّهم، وأحَبُّوهُ ورَجَوْهُ وخَافُوهُ وسَأَلُوهُ
وَرَغِبُوا إِلَيْهِ وَفَوَّضُوا أُمُورَهُم إِلَيْهِ وَتَوكَّلُوا عَلَيْهِ،
وأَطَاعُوا رُسلَه وعَزَّرُوهُم ووَقَّرُوهُم وأحَبُّوهُم ووَالُوهُم
واتَّبَعُوهُم، واقْتَفُوا آثَارَهم واهْتدَوا بمَنَارِهم.
وَذَلِكَ هُوَ
دِينُ الإِْسْلاَمِ الَّذِي بَعَثَ اللهُ بِهِ الأَْوَّلينَ والآخرينَ مِنَ
الرُّسُلِ وَهُوَ الدَّينُ الَّذِي لاَ يَقْبَلُ اللهُ منْ أحَدٍ دِينًا إِلاَّ
إِيَّاهُ، وَهُوَ حَقِيقَةُ الْعِبَادَةِ لربِّ الْعَالمينَ. فنسْأَلُ اللهَ
الْعَظِيمَ أَنْ يُثَبِّتَنا عَلَيْهِ، ويُكَمِّلُه لنا ويُميتَنا عَلَيْهِ
وَسَائِرَ إِخْوَانَنَا الْمُسلمين. وَالْحَمْدُ للهِ وَحْدَه. وَصلَّى اللهُ على
سيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِه وَسلَّمَ. .
****
قوله: «فَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ للهِ، وَأَسْلَمُوا وُجُوهَهُمْ للهِ، وَأَنَابُوا إلَى رَبِّهِمْ، وَأَحَبُّوهُ وَرَجَوْهُ وَخَافُوهُ وَسَأَلُوهُ وَرَغِبُوا إلَيْهِ وَفَوَّضُوا أُمُورَهُمْ إِلَيْهِ وَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ، وَأَطَاعْوا رُسُلَهُ وَعَزَّرُوهُمْ وَوَقَّرُوهُمْ وَأَحَبُّوهُمْ وَوَالَوْهُمْ وَاتَّبَعُوهُم، وَاقْتَفَوُا آثَارَهُمْ وَاهْتَدَوْا بِمَنَارِهِمْ»: هؤلاءِ همُ المُنعَمُ علَيهم، في قولِه: ﴿صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ﴾ فهذهِ صفاتُهم، «وَأَطَاعُوا رُسُلَهُ»: كلَّ الرُّسلِ، فالواجبُ طاعةُ الرُّسلِ كلِّهم، فمَنْ جَحَدَ رسالةَ واحدٍ منْهُم فهُو كافِرٌ بالجميعِ، فلا بدَّ منَ الإقرارِ برسالاتِهم جَميعًا، ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّن رُّسُلِهِۦۚ﴾ [البقرة: 285]، ولا بدَّ منْ طاعَتِهم فيما جَاءوا بهِ منَ التَّوحيدِ والإخْلاصِ في العِبادةِ للهِ عز وجل، «وَعَزَّرُوهُمْ»: يعني: وقّروهُم، تعزير فلان معناه: التوقيرُ والاحترامُ، ولم ينقصُوا أحدًا منهم، «وَأَحَبُّوهُمْ»: أي: في اللهِ عز وجل، أولاً محبَّةُ اللهِ، ثمَّ محبَّةُ الرُّسلِ، ثمَّ محبَّةُ المؤمنين.