فَجَعَلَ الإيتاءَ للهِ وَالرَّسُولِ، كَمَا
قَالَ: ﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ
فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ﴾ [الحشر: 7]،
وَجعلَ التَّوَكّلَ على اللهِ وَحدَه بقولِه: ﴿حَسۡبُنَا
ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾، وَلمْ يقُلْ وَرَسُولَه، كَمَا قَالَ فِي
الآْيَةِ الأُْخْرَى: ﴿ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ
إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا
وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾ [آل عمران: 173].
****
قوله: «فَجَعَلَ الإِْيتَاءَ للهِ وَالرَّسُولِ»: فهذا ليسَ فيهِ شِرْكٌ،
فالرَّسولُ يُؤْتِي والله يُؤْتِي؛ لأنَّ هذا معناهُ العَطاءُ منَ الصَّدقاتِ
والمالِ.
«وَجَعَلَ التَّوَكُّلَ عَلَى اللهِ
وَحْدَهُ»: أمَّا التَّوكُّلُ فهو عِبادةٌ فلا يكونُ إلا للهِ
وحْدَه، ﴿وَعَلَى
ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾
[المائدة: 23].
قولُه
تعالى: ﴿وَقَالُواْ
حَسۡبُنَا ٱللَّهُ﴾ أي:
كافينَا.
«وَلَمْ يَقُلْ وَرَسُولهُ»:
أي: لم يقُلْ حسْبُنا اللهُ ورسُولُه؛ لأنَّ التَّوكُّلَ عبادَةٌ؛ والعبادةُ لا
تكونُ إلا للهِ.
فالشاهدُ
في قولِه: ﴿حَسۡبُنَا
ٱللَّهُ﴾ أي: كافينا، ﴿وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾ ولمَّا توَكَّلوا على اللهِ تعَالى واعتَمَدوا عليهِ
وخَرَجوا يُريدونَ القتالَ فكَفَاهم اللهُ شرَّ أعدائِهم.
قولُه:
«وَمثلُه قَولُه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسۡبُكَ ٱللَّهُ﴾»:
أي: كافيك، ﴿وَمَنِ
ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾
أي: وحسْبُ مَن اتَّبَعَك منَ المؤمنين فهو كافيهِم أيضًا، فاللهُ كافي رسولَه
وكافي المؤمنين، فالواوُ: عاطفةٌ، والمعطوفُ عليه ضمير المخاطَبِ «حسبُك»: فيكون المعنى: حسبُكَ اللهُ
وحسْبُ من اتَّبعكَ من المؤمنينَ، وليس المرادُ أن: ﴿وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ معطوف على اللهِ جل وعلا.