وَمثلُه قَوْلُه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلنَّبِيُّ حَسۡبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [الأنفال: 64]،
أَي حَسْبُك وَحسْبُ الْمُؤمنِينَ كَمَا قَالَ: ﴿أَلَيۡسَ
ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ﴾ [الزمر: 36].
ثمَّ قَالَ: ﴿سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ﴾ [التوبة: 59]،
فَجعَلَ الإيتاءَ للهِ وَلِلرَّسُولِ، وَقدمَ ذكْرَ الْفَضْلِ؛ لأَِنَّ الْفضْلَ
بِيَدِ اللهِ يُؤتِيه من يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفضلِ الْعَظِيمِ، وَلهُ الْفضْلُ
على رَسُولِه وعَلى الْمُؤمنِينَ، وَقَالَ: ﴿إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ﴾ [التوبة: 59]،
فَجعَلَ الرَّغْبَةَ إِلَى اللهِ وَحدَه كَمَا فِي قَوْلِه: ﴿فَإِذَا
فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ ٧وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرۡغَب ٨﴾ [الشرح: 7- 8].
وَقَالَ النَّبِي
صلى الله عليه وسلم لاِبْنِ عَبَّاس: «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْألِ اللهَ وَإِذَا
اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ» ([1]). وَالْقُرْآن
يدلُّ على مِثْلِ هَذَا فِي غيرِ مَوضِعٍ.
****
قولُه تعالى: ﴿أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ﴾ [الزمر: 36]. استفهامٌ تقريريٌّ أي: هو سبحانه وتعالى حافظُه
ومؤيِّدُه، ويُخَوِّفونك بالّذين من دُونه، فلا تَلْتَفِتْ إلى تَخْويفِهم.
قوله: «يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ»، أي: احفظْ أوامرَه، واجتنبْ نواهيَه يحفظْكَ سُبحانه مما تَكْرَهُ في الدُّنيا والآخرةِ؛ لأنَّ الجَزاءَ مِن جِنْسِ العَمَلِ، «احْفَظِ الله تَجِدْهُ تُجَاهَكَ»،
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2699)، وأحمد رقم (2669)، والبيهقي في «الشعب» رقم (192).