×
شرح كتاب العبودية

كَمَا قَالَ فِي الآْيَةِ الأُْخْرَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ [المؤمنون: 51]. وَجَعَلَ ذَلِكَ لاَزِمًا لِرَسُولِهِ إلَى الْمَوتِ كَمَا قَاَل: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ [الحجر: 99].

****

 سِواه ويجِبُ أنْ تُوجَّهَ عبادةُ جميعِ الخَلقِ له عز وجل، فمَنْ خرجَ عن هذا وعبَدَ غيرَ الله؛ فإنَّه خالَفَ ما أمرَ اللهُ جل وعلا به، وما أمَرَتْ به رسُلُه من إخلاصِ العبادةِ للهِ عز وجل، وما خُلِقَ من أجلِه.

وقوله: «كَمَا قَالَ فِي الآْيَةِ الأُْخْرَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ [المؤمنون: 51] »: كما أنَّ اللهَ أمَرَ الناسَ جميعًا أن يكونوا أمةً واحِدة، وأنْ يُوجِّهوا العبادةَ للهِ عز وجل الذي خلَقَهم، فكذلك الرسلُ وَجَّه اللهُ الأمرَ إليهم قال - سبحانه -: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ أي: من الحلالِ المباحِ، ﴿وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ أي: استعينوا بالأكلِ من الطيباتِ على العملِ الصالحِ وهو عبادةُ اللهِ سبحانه وتعالى، وهذا كما في قولِه تعالى: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ ٥٦مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ ٥٧إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ ٥٨ [الذاريات: 56- 58] فأمَرَ الرُّسلَ أن يأكلوا من الطَّيِّباتِ أي: الحلالِ المُباح، وفي هذا نَهيٌ عن الأكلِ من الحرام، والتَّغذي بالحَرام؛ لأنَّ الأكلَ من الطَّيباتِ يُعينُ على العملِ الصالح، والأكلُ من الحَرامِ يَصرِفُ عن العملِ الصالحِ.

قولُه: «وَجَعَلَ ذَلِكَ لاَزِمًا لِرَسُولِهِ إلَى الْمَوتِ كَمَا قَاَل: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ [الحجر: 99] »: أي: جعلَ عبادةَ اللهِ وحدَه لازمةً


الشرح