×
شرح كتاب العبودية

وَبذَلِكَ وَصَفَ مَلاَئِكَتَهُ وَأَنْبيَاءَهُ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَمَنۡ عِندَهُۥ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَلَا يَسۡتَحۡسِرُونَ ١٩يُسَبِّحُونَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لَا يَفۡتُرُونَ ٢٠ [الأنبياء: 19- 20].

****

 للرسولِ صلى الله عليه وسلم إلى الموت، كَمَا قَال تعالى: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ، واليقينُ هو الموت، فليس لعملِ المسلمِ غايةٌ دونَ الموت، وليس هناك حَدٌّ من العبادةِ إذا بلَغَه الإنسانُ يتركُ العبادة؛ لأنَّه وصَلَ إلى اللهِ كما تقولُ غُلاَةُ الصُّوفية، كما يظُنُّ الذين يَرَوْن أنَّ مَن بلَغَ مرتبةً من الولايةِ فإنَّه تسقطُ عنه التكاليفُ ويَصيرُ من الخاصةِ أو من خاصَّةِ الخَاصة؛ لأنَّهم بزعمِهم وصلوا إلى اللهِ عز وجل، وهذا مُخالِفٌ لهذه الآيةِ الكريمة، وهل هناك أعظمُ من الرسولِ صلى الله عليه وسلم ؟ وهل هناكَ أفضلُ من الرسولِ صلى الله عليه وسلم ؟ وهل هناك من هو أعلى مقامًا من الرسولِ صلى الله عليه وسلم ؟ ومع هذا أمَرَه اللهُ بمواصلةِ العبادةِ إلى الموتِ، ولم يجعلْ لها حدًّا إذا وصَلَه ينتهي، وفي ذلك رَدٌّ على هؤلاءِ؛ لأنَّ عبادةَ المسلمِ تكونُ ممتدةٌ شاملةٌ لجميعِ حياةِ المسلمِ من الرسلِ وغيرِهم.

 كما أن العبادة عامة لجميعِ الجنِ والإنسِ؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ [الذاريات: 56]، كذلك هي شاملة للملائكة، فالله جل وعلا أمرَ الملائكةَ بعبادتهِ وحده لا شريك له، وقد امتثلوا أمره.

«فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ»، من الملائكةِ، ﴿وَمَنۡ عِندَهُۥ من الملائكةِ؛ المقربون، ﴿وَلَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَمَنۡ عِندَهُۥ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَلَا يَسۡتَحۡسِرُونَ ١٩يُسَبِّحُونَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لَا يَفۡتُرُونَ ٢٠ [الأنبياء: 19- 20]، كما قال تعالى: ﴿لَّن يَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِيحُ أَن


الشرح