×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

وَكَذَاكَ أَهْلُ الشِّرْكِ قَالُوا كَيْفَ ذَا ****  بَشَرٌ أَتَى بِالوَحْيِ والقُرْآنِ

ثُمَّ ارْتَضَوْا أَنْ يَجْعَلُوا مَعْبُودَهُمْ ****  مِنْ هَذِهِ الأَحْجَارِ وَالأَوْثَانِ

وَكَذَاكَ عُبَّادُ الصَّلِيبِ حَمَوْا بَتَا ****  رِكَهُمْ مِنَ النِّسْوَانِ والوِلْدَانِ

وَأَتَوْا إِلَى رَبِّ السَّمَواتِ العُلَى ****  جَعَلُوا لَهُ وَلَدًا مِنَ الذُّكْرَانِ

****

وهذا القياسُ الفاسدُ أيْضًا استعملَهُ المُشرِكون في نَفْيِ الرسالةِ، فقالوا: كيف يكونُ الرَّسُولُ مِنَ البَشَرِ، ونحنُ بشَرٌ، فهو بَشَرٌ مثلُنا حيثُ قال الله عنهم: ﴿أَبَشَرٗا مِّنَّا وَٰحِدٗا نَّتَّبِعُهُۥٓ [القمر: 24].

وهذا مِنَ العجَبِ أنَّهم استغْربُوا أن يكونَ الرسولُ مِنَ البَشرِ، ولمْ يَستغرِبُوا أن يكون المعبودُ مِنَ الحجرِ، فعبدوا الأحجارَ والأشجارَ لانتكاسِ قُلُوبِهم.

البطارِقَةُ أو البتارِكَة: شيوخُ النَّصارَى، فيقُولُون: إنَّ البِطْرِيقَ أو البتْرِيك أو القِسِّيس أو الأب لا يَلِيقُ بهِ أنْ يَكُونَ لَهُ أَوْلادٌ وزوجة، فنَزَّهُوا بطارِقَتَهُم عن الزَّوْجةِ والأولاد، ولم يُنزِّهُوا اللهَ عن الصَّاحِبَةِ والولَدِ، هذا من التَّناقُضِ - والعياذُ باللهِ - وعُبّادُ الصَّلِيبِ هم النَّصارَى الذي يعبدُونَ الصَّلِيبَ. والصَّلِيبُ: هو عبارة عن صُورَةِ آدَمِيٍّ مَصْلوبٍ على خَشَبَةٍ، يزعمُون أنَّها صُورَةُ المسيح عليه السلام لمَّا قُتل وصُلِبَ على الخَشَبةِ، فهم يعبدونَ هذا الصَّلِيبَ، وابن القيم يقول: كان الواجب


الشرح