×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

وَوَرَدْتُمُ سُفْلَ المِيَاهِ وَلَمْ نَكُنْ  ****  نَرْضَى بِذَاكَ الوِرْدِ لِلظَّمْآنِ

وَأَخَذْتُمْ أَنْتُمْ بُنَيّاتِ الطَّرِيقِ ونَحْـ  ****  ـنُ سِرْنَا فِي الطَّرِيقِ الأَعْظَمِ السُّلْطَانِي

وَجَعَلْتُمُ تُرْسَ الكَلاَمِ مِجَنَّكُمْ  ****  تَبًّا لِذَاكَ التُّرْسِ عِندَ طِعَانِ

****

 بُنيَّات الطَّرِيق: هي الطُّرُق الصَّغِيرةُ المُخْتَلِفة المُنشَقَّة عن طريقِ الحَقِّ الخارجةِ عنهُ، كما ورَدَ عنْ عبدِ الله بن مسعودٍ، قال: خطَّ لَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطًّا، ثُمَّ قالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللهِ»، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يمينِهِ وعَن شمالِهِ، ثُمَّ قالَ: «هَذِهِ سُبُلٌ مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ» ([1]) والنبيُّ صلى الله عليه وسلم ضربَ هذا المثالَ بالمحسوسِ حتى يُقرِّبَ به المعانِيَ، وهؤلاءِ سَلكُوا بُنَيَّاتِ الطُّرُقِ، وهي الجَوَادُّ المختلفةُ، وأمَّا أهلُ السُّنَّةِ فَسَلَكُوا الطَّرِيقَ الأعْظَمَ السُّلْطانِي، الطَّرِيق الواضح الَّذي ليسَ فيه تعاريجُ ولاَالتِوَاءَات.

واتَّخذْتُم عِلم الكلامِ والجَدَل وقايةً تترَّسُون به مِن الحَقِّ، ولكنَّهُ لا يَقِيكُم - هذا التُّرسُ - من سِهام الحقِّ، فهي تخترقُهُ، وتصلُ إليكم؛ لأنَّهُ ليسَ بشيءٍ.


الشرح

([1])  أخرجه: الدارمي رقم (208)، وأحمد رقم (4142)، والحاكم رقم (3241).