وَدَعَا بِأَلاَّ يُجْعَلَ الْقَبْرُ الَّذِي **** قَدْ ضَمَّهُ وثَنًا مِنَ الأَوْثَانِ
فَأَجَابَ
رَبُّ الْعَالَمِينَ دُعَاءَهُ **** وَأَحَاطَهُ بِثَلاَثَةِ الجُدْرَانِ
حَتّى
اغْتَدَتْ أَرْجَاؤُهُ بِدُعَائِهِ **** فِي عِزَّةٍ وَحِمَايَةٍ وَصِيَانِ
****
وهذا حديثٌ آخَرُ: قالَ فيه صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» ([1]) فدَلَّ على أنَّ كُلَّ ما عُبِدَ مِن دُونِ الله فهُوَ وثَنٌ، ولو كانَ قبْرَ نبِيٍّ، ولو كانَ قبْرَ أفضَلِ المُرْسَلِينَ فإنَّه يُصيرُ وثَنًا، فاستجابَ اللهُ دُعاءَ رَسُولِه فحَمَى قبْرَهُ، وأحاطَهُ بثلاثَةِ جُدْران، وصارَ قَبْرُ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم في وسطِ الحُجرةِ، ولا يراهُ أحدٌ، وإنَّما النَّاسُ يقفُونَ فِي المسجدِ ويُسلِّمُون عليهِ، ولا يصلُون إلى قبْرِهِ صلى الله عليه وسلم، ودُفِنَ في بيتِه، ولم يُدفَنْ في البقِيعِ خشْيَةَ أن يُتَّخَذَ قبْرُهُ مسْجِدًا؛ فيُصَلَّى عِندَهُ، ويُدْعَى عِندَهُ، كما قالتْ عائِشَةُ رضي الله عنها: «وَلَوْلاَ ذَلِكَ أَبْرَزَ قَبْرَهُ غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ أنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا» ([2]) فهذا سِرُّ دَفْنِ الرَّسُولِ في حُجرةِ عائشةَ حِفاظًا عليْهِ مِنَ الغُلوِّ ومِنْ أنْ يُعبَدَ مِن دُونِ اللهِ، ولاَ يزالُ مَصُونًا ومُحاطًا بثلاثةِ جُدْران؛ لأنَّ الصَّحابةَ لَمَّا دفنُوه في الحُجرةِ جاؤوا إلى الجدارِ الشَّمالِيِّ، وجعلُوه على شكلِ مُثلثٍ؛ لئَلاَّ يستقبِلَهُ الناسُ في الصَّلاةِ.
([1]) أخرجه: مالك في الموطأ رقم (85)، وأحمد رقم (7358).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد