×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

وَلَقَدْ غَدَا عِنْدَ الوَفَاةِ مُصَرِّحًا  ****  بِاللَّعنِ يَصْرُخُ فِيهِمُ بِأَذَانِ

وَعَنَى الأُولَى جَعَلُوا القُبُورَ مَسَاجِدًا  ****  وَهُمُ اليَهُودُ وَعَابِدُو الصُّلْبَانِ

وَاللهِ لَوْلاَ ذَاكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ  ****  لَكِنَّهُمْ حَجَبُوهُ بِالحِيطَانِ

قَصَدُوا إلى تَسْنِيمِ حُجْرَتِهِ لِيَمْـ  ****  ـتَنِعَ السُّجُودُ لَهُ عَلَى الأَذْقَانِ

قَصَدُوا مُوَافَقَةَ الرَّسُولِ وَقَصْدَهُ التـْ  ****  تَجْريدَ لِلتَّوْحِيدِ لِلرَّحْمَنِ

****

قال صلى الله عليه وسلم وهو يُعانِي مِن سكَرَاتِ الموْتِ: «لَعْنَةُ اللهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قَبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ([1])، «أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا القُبُورَ مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» ([2]) فهذا مِن كمالِ بيانِهِ عليه السلام في النَّهيِ عَنِ البناءِ عَلَى القُبُورِ، ولا سِيَّما قبرُهُ صلى الله عليه وسلم، وهذا من كمالِ نُصْحِه وشفَقَتِهِ لأُمَّتِه؛ لأنَّ البناءَ على القبورِ وَسِيلةٌ مِن وسائِلِ الشِّرْكِ.

لوْلاَ خَشْيَة أن يُتَّخذَ قبْرُه مسْجِدًا أوْ يُصلَّى عِندَه أوْ يُدْعَى عِندَه، لأُبرِزَ مَع قُبورِ أصحابِهِ في البَقِيعِ، ولكنَّهم خَشَوا من اتِّخاذِه مسْجِدًا، فدفَنُوهُ في حُجْرَتِهِ، وجاءَ في الحديثِ أنَّهُ عليه السلام قالَ: «لاَ ينْبَغِي أَنْ يُدْفَنَ نَبِيٌّ إلاَّ حَيْثُ يَمُوتُ» ([3])، فَالأنبياءُ يُدْفَنونَ في البُقْعَة التي مَاتُوا فيها،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (436)، ومسلم رقم (531).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (532).

([3])  أخرجه: الترمذي رقم (1018)، وابن ماجه رقم (1628).