×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

وأمَّا القبور فلا يُسافر إليها لا إلى قُبور الأنبياء ولا إلى غيرهم، ولم يأتِ دليلٌ صحيحٌ يدلُّ على مشروعيَّةِ السَّفرِ لزيارة قبْرِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم وإنَّما السَّفرُ لمسجدِهِ، ويدخلُ قبرُه تبعًا، فأنت تسافر لقَصْدِ الصلاةِ في المسجد، أمَّا قصد زيارة القبر فهذا القصد بدعةٌ ما أنزَلَ اللهُ بها من سُلطان، والأحاديث الواردة التي يَرْوُونَها في السَّفرِ لزيارة القبرِ بعد الحجِّ أو قبلَ الحجِّ كُلُّها ضعيفةٌ شديدةُ الضعفِ أو موضوعةٌ كما نبَّه على ذلك الأئِمَّة، وبعضُ الخرافيين صنَّفُوا كُتُبًا في فضلِ زيارةِ القَبْر، والسَّفَرُ لزيارةِ القَبْرِ مُناقَضَةٌ لِنُصوصِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم مِثْل ما صنَّف السبكي كتابًا في ذلك وردَّ عليه الحافظ ابن عبد الهادي في «الصَّارِم المُنْكِي» فلا يُسافَر إلا إلى المساجد الثلاثة، فأول مسجد وُضع في الأرض هو المسجد الحرام﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٖ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكٗا وَهُدٗى لِّلۡعَٰلَمِينَ ٩٦فِيهِ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ مَّقَامُ إِبۡرَٰهِيمَۖ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنٗاۗ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٩٧ [آل عمران: 96- 97] فحجُّ البيتِ فَرِيضةٌ على المسلم ورُكْنٌ مِنْ أركانِ الإسلامِ إذا كانَ يستطيعُ وَعندَه «الزَّادُ والراحلة» وتشدُّ الرحال إليه لأجلِ العمرة في كلِّ وقت، وتُشدُّ الرحال فيه لأجلِ الصَّلاةِ والاعتكافِ، وكذلك المسْجِد النبويّ والمسجد الأقصى. 


الشرح