لكِنَّنا قُلْنَا مَقَالةَ صَارِخٍ **** فِي كُلِّ وقْتٍ بَيْنكُمْ بأذَانِ
الرَّبُّ
ربٌّ وَالرَّسُولُ فَعَبْدُهُ **** حَقًّا وَلَيْسَ لَنَا إِلَهٌ ثَانِ
فَلِذَاكَ
لَمْ نَعْبُدْهُ مِثْلَ عِبَادَةِ الـرْ **** رَحْمَنِ فِعْلِ المُشْرِكِ النَّصْرَانِي
****
عاد إليهم في رَدِّ دعواهم في قولهم. تَنقَّصتُم الرسول صلى الله عليه وسلم حيث لم تُعطوهُ حقَّ اللهِ كَما فعلَتِ النَّصارَى معَ عِيسَى ابنِ مرْيَم أنَّهُ ابنُ اللهِ، أو هُوَ اللهُ أو ثالثُ ثلاثةٍ؛ فأنتم يجبُ أنْ تقُولوا في مُحمـدٍ كذلك وَفاءً بحقِّهِ صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له، هذا هوَ مَذهبُهم الخبيثُ، ونحنُ نقول: لا نُعطي الرسول صلى الله عليه وسلم حقَّ الله تعالى، ولا نهضم الرسول صلى الله عليه وسلم حقَّهُ الذي أعطاهُ الله، بل نُنْزِلُه منزلَتَه عليه الصلاة والسلام، فنُعْطِي اللهَ حقَّه بالعبادةِ، ونُعطِي الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم حقَّهُ في الطَّاعةِ والمَحبَّةِ والاتِّباع والتوقيرِ والاحترامِ، وما كانَ مُشتركًا بين الله ورسوله من الإيمانِ باللهِ ورسولِه وطاعة اللهِ ورسولِه ومَحَبَّة الله ورسوله فهذا مُشتَرَكٌ، فالحقوقُ ثلاثةٌ: حقٌّ خاصٌّ باللهِ لا يُشارِكُهُ فيه أحَدٌ، لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، ولا نَبِيٌّ مُرْسَل، وهو العبادةُ بجميعِ أنواعِها، وحقٌّ للرُّسُلِ، وهو الاتِّباعُ والاقتداء والتَّعزيرُ الذي هو التوقيرُ والاحترامُ، هذا هُوَ حقُّ الرُّسُلِ عليْنا؛ ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، إنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» ([1]) يعني: لا تَغْلُو في مَدْحِي، فهذا حقُّهُ ومنزِلَتُه، لا يُرفَعُ فوقَ حقِّه ومنزلتِه، ولا يُنقَّصُ شيءٌ مِن حقِّه عليه السلام.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3445).