×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

تَاللهِ قَدْ لاَحَ الصَّبَاحُ لِمَنْ لَهُ  ****  عَيْنَانِ نَحْوَ الفَجْرِ نَاظِرَتَانِ

وَأَخُو العِمَايَةِ فِي عَمَايَتِهِ يَقو  ****  لُ اللَّيْلُ بَعْدُ أَيَسْتَوِي الرَّجُلاَنِ

تَاللهِ قَدْ رُفِعَتْ لَكَ الأَعْلاَمُ إِنْ  ****  كُنتَ المُشَمِّرَ نِلْتَ دارَ أَمَانِ

وَإِذَا جَنُبْتَ وَكُنْتَ كَسْلاَنًا فَمَا  ****  حُرِمَ الوُصُولَ إِلَيْهِ غَيْرُ جَبَانِ

****

 إذا طلعَ الفجرُ فالَّذِي بَصَرُهُ صَحِيحٌ يَرَىَ الفَجْرَ، لكنِ الأعْمَى لا يَرَى الفَجْرَ، ولوْ كانَ وَاضِحًا، كذلكَ المؤمنُ يرَى الحَقَّ بِبَصِيرتِهِ وأمَّا الضَّالُّ فَلا يرى الحَقَّ لعَمَى قلْبِه.

فأهْلُ الحَقِّ يَسِيرُونَ في طريقٍ واضحٍ لا غُموضَ فيه ولا تِيهَ، وَعِندهُم أماراتٌ تدُلُّهُم على هذا الطَّرِيقِ، وأمَّا أهلُ الضَّلالِ فلَيْسَ لهُمْ طريقٌ واضحٌ يمْشُون عليْهِ، وليسَتْ لهم أعلامٌ يهتَدُونَ بها، وإنَّما يَتِيهُونَ مع الأفكارِ والأهواءِ المُنحرِفَة، وهذا مأخوذٌ مِن قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ [الأنعام: 153].

الطريق واضحٌ، فالشُّجاعُ والقوىُّ يَسِيرُ مَعَ هذا الطَّريقِ ولاَ يَتَكاسَل، والحقُّ أحَبُّ إليهِ مِن كُلِّ شَيْءٍ، أمَّا صاحِبُ الشَّهواتِ والأهواءِ فإنَّهُ يتكاسَلُ عَنِ السَّيْرِ، وَإِنْ كانَ الطريقُ واضِحًا، فالأمرُ يحتاجُ إلى جِدٍّ وصَبْرٍ.


الشرح