تـاللهِ إنْ سَمَحَ الزَّمَانُ بِقُرْبِكُمْ **** وحَلَلْتَ مِنْكُمْ بالـمَحَلِّ الدَّانِي
لأُعَفِّرَنَّ
الخَـدَّ شُكْرًا في الثَّرَى **** وأُكَحِّلَـنَّ بِتُرْبِكُمْ أجْفَانِي
إنْ
رُمْتَ تُبْصِرُ ما ذَكَرْتَ فَغُضَّ طَرْ
**** فـًا
عَنْ سِوى الآثارِ والقُرآنِ
****
وهَذا تَشبيهٌ بقصَّةِ مُوسى لمَّا ذَهب بأهْلِه
وأصَابهمُ البَردُ وأضَاعوا الطَّريقَ، رأى نارًا فذهبَ إليهَا ليقْتَبسَ مِنها
نارًا، يُوقد نارًا يَصطلُون عَليها، وَيسأل عَن الطَّريقِ الذِي يَذهبُ بهِ إلى
مِصر.
وَكانت
هِذه النَّارُ التِي رَءاها ابْن القَيِّم نارُ الهُدى والوَحي، وابْن القَيِّم
رحمه الله أديبٌ كبيرٌ ويَسوق الكَلام ويُحسنُ التَّعبير ويقْتَبسُ، فهو من كبار
الأدباء.
يقُولُ:
إذَا أرَدتَ أنْ تَصلَ إِلى الهُدى فَلا تَنظُر إلا إِلى الكِتَاب والسُّنَّة مِثل
الذِي حَصل لِي لمَّا اهْتديتُ إلى أعْلام المَدينَة، ولَقيتُ أهْلهَا مِن الصَّحابَة
والتَّابعِين وأتْباع التَّابعِين، واطْمَأنَنْت بَعد الحَيرةِ، وأنِستُ بَعد
الوَحشَة بِلقيَاهُم.
إذا
كُنتَ تُريدُ هَذا فَعليكَ أولاً: بِالصَّبر والتَّحمُّل، وثانيًا: بأنْ تغْمِض
عُيونَك عَن الشُّبهَات والشُّكوكِ وأقْوال النَّاس، ولا تَنظُر إلا إلَى الوَحي
حتَّى تَصل إلَى الحَقِّ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد