×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

فَهِي التِي كَمْ عطَّـلَتْ مِنْ سُنَّةٍ  ****  بَلْ عَطَّـلَتْ مِنْ مُحْكَمِ القرآنِ

هذا ونرجو أنَّ واضِعَها فلا  ****  يَعْـدُوهُ أجرٌ أوْ لـهُ أجرانِ

إذْ قَال مَبْلَغُ عِلْمِهِ مِن غيرِ إيجـ  ****  ـابِ القَبُولِ لهُ على إنسانِ

****

 تُرَد لأنَّها عَطَّلت نُصوص الكِتاب والسُّنَّة؛ حيثُ نَفوا أسْماء اللهِ وصِفَاته مِن أجْل قوَاعِدهم وشُبَههِم، كَذلك مَا مَع القُبوريِّين مِن الشُّبهاتِ عَطَّلوا ما جَاء فِي القُرآنِ مِن الدَّعوَة إلَى التَّوحيدِ وَمن إنْكار الشِّرك، وصَار الكِتابُ والسُّنَّة لا مَجال لَهما عِندَهم، فالحَقُّ عِندهم مَا وَافق قَول شُيوخِهم.

لمَّا ذَكر رحمه الله أنَّ ما مَع النَّاسِ من قَواعد وشُبَه إِذَا خَالف شَيءٌ مِنها القُرآنَ والسُّنَّة فإنَّه يُردُّ ويُترك، سواءً كَان أصْحابُها مِن الفُقهاء أو مِن عُلماء الكَلام، لَكن إِذا كَان هَؤلاء الذِين ذَكروا هَذه القَواعد ذَكرُوها عَن اجْتِهَاد وَعن حُسن قَصد فإنَّنا مع ردِّنا لها نعتَذِر لهم؛ لأنَّهم مُجتَهدون يُريدُون الحَقَّ ولكنَّهم لم يوافقوا.

والنَّبي صلى الله عليه وسلم يقولُ: «إَذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» ([1])، وهَذِه قَاعدةٌ عَظيمَةٌ يَنبغِي لِطلَبة العِلمِ السَّير عَليهَا، وأمَّا إذَا كَان مِن وَضع هَذه الأشياء مُتعمِّدًا يُريدُ بها الاسْتغْنَاء عمَّا جَاء فِي القُرآن والسُّنَّة، وهُم يَعلَمون أنَّها خطَأ فهَؤلاء


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (7352)، ومسلم رقم (1716).