×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

يا قَوْمَنَا اعْتَبِروُا بِجَهلِ شُيُوخِكُمْ  ****  بِحَقَائِقِ الإيمانِ والقُرآنِ

أَوَ ما سَمِعْتُم قولَ أفضلِ وقْتِهِ  ****  فِيكُمْ مقالَةَ جاهلٍ فَتَّانِ

إنَّ السَّمَواتِ العُلى والأرضَ قَبـ  ****  ـلَ العَرْشِ بالإِجمَاعِ مَخلُوقانِ

****

قال قائلٌ مِن شُيوخهم وَهم يُعظمونَه لأنَّه مِن أكابِرهم: إنَّ العَرش مَخلوقٌ بَعد خلق السَّماوات والأرضِ، وخَالف بِذلكَ الكِتاب والسُّنَّة والإِجماعَ، وَدليلُه: قَولُه تَعَالى: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ [الأعراف: 54]، فرتَّبَ الاسْتِوَاء عَلى العَرش بَعد خَلقِ السَّمَاوات والأرْض بـ«ثمَّ»، فدلَّ عَلى أنَّ خَلق العَرشِ بَعدَ خَلق السَّماوات والأرْضِ، فَفسَّر الاستِوَاء عَلى العَرش بالخَلْقِ.

ومَا قال أحدٌ من أهْلِ اللُّغَة فَضلاً عن أهل العلم: إنَّ الاسْتواء مَعناهُ الخَلْق، وأيضًا هَذا يُخالِف قَولَه تَعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَكَانَ عَرۡشُهُۥ عَلَى ٱلۡمَآءِ [هود: 7]، فبيَّن سُبحَانه أنَّ عرشَه سَابقٌ عَلى خلقِ السَّماوات والأرْضِ، وبيَّن ذَلك الرَّسول صلى الله عليه وسلم بقولِه: «كَتَبُ اللهُ مَقَادِيرَ الخَلاَئِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ» ([1])؛ فَالعَرشُ مَخلوقٌ قَبل السَّماواتِ والأرْض، فَمثل هَذا الذِي يقُول: إنَّ الاسْتِواء بِمَعنى الخلْقِ


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2653).