ومِنَ العجائبِ أنَّكُمْ كَفَّرْتُمُ **** أهلَ الحديثِ وشيعَةَ القرآنِ
إذ
خالَفُوا رأيًا لهُ رأيٌ يُنَا **** قِضُهُ لأجلِ النَّصِّ والبُرهانِ
وجعلتُمُ
التَّكفِيرَ عَينَ خلافِكُمْ **** وَوِفاقِكُمْ فحقيقةُ الإيمانِ
فوِفاقُكُم
مِيزانُ دِينِ اللهِ لا **** مَن جَاء بِالبُرهَانِ والفُرقانِ
****
وأخفَقُوا في بَحْثهِم حَيث أتَوا الأمُورَ مِن
غَير أبْوابِها، فَهؤلاءِ لاَ شكَّ أنَّهم ضَالُّون فِي عَملِهم لَكن لاَ
يُفسقونَ، فَمن بَحثَ مِنهُم عَن الحَقِّ وَوصلَ إليهِ فَله أجْرانِ، وَمن بَحثَ
مِنهم وَلم يَصل إلَيه فَلَه أجرٌ واحِدٌ، هَذا هُو التَّفصِيل الذِي لا بُدَّ
منهُ فِي هَذه المَسألَة، وهَذا هُو مُلَخَّصُ ما ذَكَرهُ ابنُ القَيِّم رحمه الله
في هَذِه الأبْيَات المُهِمَّة.
ما
كفَّروا أهلَ الحقَّ إلا لأنَّهم خَالَفُوهم فيمَا هُم عَليهِ، وَأهلُ الحقِّ
خَالفُوهم مِن أجْلِ أخْذِ الحَقِّ بِالدَّليل واتِّباع القُرآن، وهَذا التَّكفِير
فِي غَير محلِّه؛ لأنَّ الذي يقُولُ بِالكِتاب والسُّنَّة لا يكفَّر، وإنَّما
يُكفَّر مَن تعمَّد المُخَالفة للكِتَاب والسُّنَّة.
جعَلوا
الكُفرَ والإيمَان تَابعًا لِما هُم عَليهِ، فَمن وَافقَهم فَإنَّه مُؤمنٌ وَمن خَالفَهُم
فَهُو الكَافر عِندَهم، وَهذا الضَّابِط فِي الكُفرِ والإيمَان بَاطلٌ، فأهْلُ
الحَديث مِيزانُهم الكِتَاب والسُّنَّة، فَما وَافقَهُما فَهو حَقٌّ، وَما
خَالفَهُما فَهُو بَاطلٌ، وأمَّا مِيزان أهْل الضَّلال فَهُو مَا هُم عَلَيه،
فَفرقٌ بينَ المِيزَانين.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد