×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

ولسَوْفَ تَذْكُرُ بِرَّ ذي الإيمانِ عَنْ  ****  قُرْبٍ وتَقْرَعُ نَاجِذَ النَّدْمَانِ

رَفَعُوا به رأسًا ولم يَرْفَعْ بِهِ  ****  أهْلُ الكلامِ ومَنْطِقِ اليونانِ

فهم كما قال الرسولُ مُمَثِّلاً  ****  بالماءِ مَهْبِطَهُ على القيعانِ

****

أهْل الحَقِّ رَفعوا بِقولِ الرَّسول رُؤوسهم، وأمَّا أهْل مَنطِق اليُونان فَلم يَرفَعُوا بِالقُرآن والسُّنَّة رَأسًا، وَقالُوا: هَذه أدِلَّة وظَواهر ظَنِّية لا تُفيد اليَقينَ.

يُشيرُ فِي هَذا البَيتِ إِلى الحَديثِ الصَّحيح: «مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلْمِ كَمَثَلِ غَيثٍ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ قَبِلَتِ المَاءَ فَأَنْبَتَتِ الكَلَأَ وَالعُشْبَ الكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ المَاءَ، فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقُوا وَرَعَوْا، وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى، وَإِنَّمَا هِي قِيعَانٌ لاَ تُمْسكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلَأ. فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللهِ، وَنَفَعَهُ اللهُ بِمَا بَعَثَنِي بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الذِي أُرْسِلْتُ بِهِ» ([1]).


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (79)، ومسلم رقم (2282).