يا قَوْمُ فَرْضُ الهِجرَتَينِِ بِحَالِهِ **** واللهِ لَمْ يُنْسَخْ إلى ذا الآنِ
فالهِجْرَةُ
الأولَى إِلَى الرَّحْمَنِِ بِالْـ **** إخْلاَصِِ في سِرٍّ وفي إعْلانِ
حتَّى
يَكُونَ القَصْدُ وجْهَ اللهِ بِالْـ **** أقْوَالِ والأعْمَالِ والإيمانِ
ويكُونَ
كُلُّ الدِّينِِ لِلرَّحْمَنِِ مَا **** لِسِوَاهُ شَيءٌ فِيهِ مِن إنْسَانِ
والحُبُّ
والبُغضُ اللذَانِ هُمَا **** لكلِّ ولايَةٍ وعَدَاوةٍ أصْلانِ
****
وَقَد
صَنَّف ابْنُ القَيِّم رحمه الله فِي هَذا كِتابًا سَمَّاهُ «سَفَر الهِجْرتَين»،
وَهُو كِتَابٌ ضَخمٌ وَمُفيدٌ جدًّا.
الهِجرةُ
إِلى اللهِ وإِلَى رَسُوله بِالقَلبِ لَم تُنسخْ أَبدًا، فَهِي بَاقِية إِلى قِيام
السَّاعة.
فالهِجرَة
الأُولى إِلى اللهِ تَعَالى بِإخْلاَصِ العِبادَة والنِّيَّة لَهُ والقَصْد، وتَرك
الشِّرك الأَكْبر والأَصْغرِ، وَترْكِ النِّفَاق الأَكْبر والأَصغَرِ.
لا
يَكُون فِي الدِّينِ شَيءٌ لِغَير اللهِ رِياءً أَو سُمعةً أو قَصدًا لِطَلبِ
الدُّنيَا، بَل يَكُونُ الدِّين كلُّه للهِ تَعَالى ظَاهرًا وبَاطنًا.
ثمَّ
يَتبع إِخْلاص العِبَادة: الحبُّ والبُغض، والحُبُّ
لأِولِيَائهِ والبُغضُ لأِعدَائه، فَلا يَكُون مُؤمنًا إلا مَن اتَّصَف بِالوَلاءِ
والبَراءِ، فَأوثقُ عُرى الإِيمانِ: الحُبُّ فِي اللهِ والبُغضُ في اللهِ، وبَاب
الوَلاءِ والبَراءِ هُو الذِي يُميِّز المُسلِم الصَّادق مِن غَيرِه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد