×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

فَسَلُوا لَنَا بِالأَيْنِ مِثْلُ سُؤَالِنَا  ****  مَا الكَوْنُ عِنْدَكُمُ هُمَا شَيْئَانِ

وَكَذَا أَتَوْنَا بِالبَيَانِ فَقُلْتُمُ  ****  بِاللُّغْزِ أَيْنَ اللُّغْزُ مِنْ تِبْيَانِ

إِذْ كَانَ مَدْلُولُ الكَلاَمِ وَوَضْعُهُ  ****  لَمْ يَقْصِدُوهُ بِنُطْقِهِمْ بِلِسَانِ

****

يَقُولون: نَعم. الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم قالَ: «أَيْنَ»، وَمَعنَاها: «مَا»، فَهُو يَقُول للجَارِيَة: «ما الله»، وَهَذا مِن أَبْطل البَاطِلِ؛ وَذَلك لأنَّ «أين» سُؤالٌ عَن المَكَان، وَ«ما» سُؤالٌ عَن الحَقِيقة حَقيقَة الشَّيءِ، فَهَذه لُغةُ العَرب، وأمَّا المُعطِّلَة فَهُم يَقُولون: السُّؤالُ بِـ «أين»، و«ما» سَواء، وَهَذه مُكابَرةٌ وَمُخالَفةٌ لِلغَة العَربِ.

الرُّسُل أَتوا بِالبَيانِ الوَاضِح، وأنْتُم تَزعُمون أنَّهُم أتَوا بِالألْغَاز؛ لأنَّكُم تَقُولون: إِنَّ كَلامَ الرُّسلِ فِي الأَسْماء والصِّفَات لَيس المَقصُود مِنهُ ظَاهِره، وإنَّما المَقصُودُ مِنه مَعنًى آخَر لَم يُبيِّنُوه، فَليس هُو عَلَى ظَاهِره، وَهَذا اتِّهَام للرُّسُل أنَّهُم أتَوا بِالألْغَاز وأنَّهُم غَشُّوا النَّاس وَلم يُبيِّنُوا لَهم وَإنَّما حَيَّروهُم.

هَذا مَعْنى اللُّغْز: أنْ يَكُون اللَّفظُ لَيس المَقصُود مِنهُ مَا يَظهَر مِنه، وإِنَّما المَقصُود مِنه شَيءٌ آخَر، وهَذا لَم تَأت بهِ الرُّسلُ.


الشرح