×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

وَالقَصْدُ مِنْهُ غَيْرُ مَفْهُومٍ بِهِ  ****  مَا اللُّغْزُ عِنْدَ النَّاسِ إِلاَّ ذَانِ

يَا قَوْمُ رُسُلُ اللهِ أَعْرَفُ مِنْكُمُ  ****  وَأَتَمُّ نُصْحًا فِي كَمَالِ بَيَانِ

أَتَرَوْنَهُمْ قَدْ أَلْغَزُوا التَّوْحِيدَ إِذْ  ****  بَيَّنْتُمُوهُ يَا أُولِي العِرْفَانِ

أَتَرَوْنَهُمْ قَدْ أَظْهَرُوا التَّشْبِيهَ وَهْـ  ****  ـوَ لَدَيكُمُ كِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ

****

 اللُّغزُ هُو الذِي لا يُقصَد مَعنَاه الظَّاهِر، وإِنَّما يُقصَد مَعنًى خَفيٌّ قَلَّ مَن يَعثُر عَليهِ.

لا شَكَّ أنَّ الرُّسلَ أعْلَم الخَلقِ، وَأنَّهُم أعْظَمُ الخَلقِ بَيانًا وتَوضِيحًا، ولا شَكَّ أنَّ مَن وَصفَهُم بِعدَم البَيانِ أنَّه كَافرٌ؛ لأنَّهُ تَنقَّص الرُّسُلَ، فَهل أَنتُم بَيَّنْتُم التَّوحِيد وَهم ألْغَزوا فِيه. إِن اعْتَقدتُم ذلِكَ فَهَذا كُفرٌ.

وَيقولُونَ: لَو أَجْرينا نُصوصَ الأَسْماءِ والصِّفَات عَلى ظَاهِرها لَلزِم التَّشبِيه؛ لأنَّ هَذه الأَسمَاء والصِّفات مَوجُودة فِي المَخلُوقينَ، فَإذا أثْبتْنَاها عَلى ظَاهِرها فَهذا تَشبيهٌ وَهُو كُفرٌ.

ونَحن نَقُول: لَيست أسْمَاء اللهِ وَصِفَاتُه مِثل أسْمَاء المَخْلوقِين وَصفاتِهم، فَهُناك فَارقٌ بَين الخَالِق والمخْلُوق، فَأسْماء اللهِ وصِفاتُهُ تَليقُ بهِ، وَكَذلكَ أسْمَاء المَخلوقِين وصِفَاتُهم تَليقَان بِهم، فَمن لَم يُفرِّق بَين الخَالقِ والمَخلُوق فَقَد كَفَر، وَهُم إنَّمَا أُتُوا مِن عَدِم الفَرقِ بَين الخَالِق والمَخلُوق.


الشرح