×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

لاَ تَحْصُرُوهُ فِي مَكَانٍ إِذْ تَقُو  ****  لُوا رَبُّنا حَقًّا بِكُلِّ مَكَانِ

نَزَّهْتُمُوهُ بِجَهْلِكُمْ عَنْ عَرْشِهِ  ****  وَحَصَرْتُمُوهُ فِي مَكَانٍ ثَانِ

لاَ تَعْدِمُوهُ بِقَوْلِكُمْ لاَ دَاخِلٌ  ****  فِينَا وَلاَ هُوَ خَارِجُ الأَكْوَانِ

****

 هَذا رَدٌّ عَلى الحُلولِيَّة، وَنُفَاة العُلوِّ عُمومًا، الذينَ يَنفُون عُلوَّ اللهِ واسْتِوَاءه عَلى عَرشِه، فَالله فَوق مَخلُوقَاته بَائنٌ عَنْها.

نزَّهُوهُ عَن العُلوِّ فَوقَ مَخلُوقَاته لأنَّهُم يَقُولون: إِنَّه لَيسَ لَه مَكانٌ، وَلكنَّهُم تَناقَضُوا فَقَالوا: إنَّه فِي كُلِّ مَكَان، وَهَكذا أَهْل الضَّلالِ إِذَا فرُّوا مِن شَيءٍ، وَقَعوا فِي شَيءٍ أعْظَم مِنهُ، فَلا يَليقُ بِالعبدِ إِلاَّ التَّسليم للهِ وَرَسُوله، وَعَدم الدُّخول فِي شَأنِ اللهِ؛ لأنَّه سُبْحانَه أعْلَم بِنفْسِه وَبغَيرِه، فَلا يَليقُ بِالمُؤمنِ إلا أنْ يُثبِتَ مَا أثْبتَه اللهُ لِنفسِه أو أَثبَتَه لَه رَسُوله.

وهَؤلاءِ قَالوا: لاَ دَاخِل العَالَم وَلا خَارِجه وَلا فَوق وَلا تَحْت وَلا مُباين ولا يَمنة وَلا يَسْرة، وَهَذا هُو العَدمُ المَحضُ، تَعالَى اللهُ عَن ذَلكَ.


الشرح