×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

فَالكُلُّ مِنْهُ بَدَا وَمَرْجِعُهَ إِلَيـ  ****  ـهِ وَحْدَهُ مَا مِنْ إِلَهٍ ثَانِ

غَلِطَ الأُلَى جَعَلُوا الشَّفَاعَةَ مِنْ سِوَا  ****  هُ إِلَيهِ دُونَ الإِذْنِ مِنْ رَحْمَنِ

هَذِي شَفَاعَةُ كُلِّ ذِي شِرْكٍ فَلاَ  ****  تَعْقِدْ عَلَيهَا يَا أَخَا الإِيمَانِ

وَاللهُ فِي القُرْآَنِ أَبْطَلَهَا فَلاَ  ****  تَعْدِلْ عَنِ الآَثَارِ وَالقُرْآَنِ

وَكَذَا الوَلاَيَةُ كُلُّهَا لِلهِ لاَ  ****  لِسِوَاهُ مِنْ مَلِكٍ وَلاَ إِنْسَانِ

****

الوَلايَة - بِفتْح الوَاو -: مَعنَاها المَحبَّة، فَاللهُ هُو الذِي يَستَحقُّ المَحبَّة الكَاملةَ دُون مَا سِواه، وَهِي أعْظَم أنْوَاع العِبادة. قَال تَعَالى ﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ [البقرة: 165]، ولكن لا يقْتَصر الدِّينُ عَلى المحَبَّة كَما يَقُول الصُّوفيَّة، بَل العِبادَة أنْواعٌ كَثيرةٌ كالخَوفِ والتَّوكُّل والنَّذر والذَّبحِ، فَلا تَقتصِرُ عَلى المَحبَّة.

فالصُّوفِيَّة يَقولُون: نَحنُ نَعبُده مِن أجْلِ المَحبَّة فَقَط، وهَذا بَاطلٌ لأنَّ الرُّسلَ وهُم أعْظَم النَّاس مَحبةً للهِ يَعبُدونَه بالخَوفِ والرَّجاءِ، قالَ تعَالَى: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ [الأنبياء: 90]، فالرَّغبُ: هُو الرَّجاءُ، والرَّهبُ: هو الخَوفُ، فَلابدَّ مِن الجَمعِ بَين الرَّجاءِ والخَوفِ؛ وَلذا يَقول العُلماء: مَن عَبد اللهَ بِالمَحَبَّةِ فَقط فهُوَ صُوفيٌّ، وَمَن عَبد اللهَ بِالخَوفِ فَقَط فَهُو خَارِجيٌّ، وَمَن عَبَد اللهَ بِالرَّجَاءِ فَقَطْ فَهُوَ مُرْجِئٌ، فَلا بُدَّ مِنَ الجَمعِ بَينَ الخَوفِ والرَّجَاء والمَحبَّة.


الشرح