فَلِذَاكَ شَبَّههمْ بِهِ مَتْبُوعُهُمْ **** في الغُرْبتَيْنِ وذاكَ ذُو تِبيانِ
لَمْ
يُشْبِهوهُمْ في جَمِيعِ أمُورِهِمْ **** مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَيْسَ يَستويانِ
****
المُرادُ
بِالغُربتَينِ: الغُربَة الأولى: في وَقتِ الرَّسُول صلى
الله عليه وسلم في أوَّل الدَّعْوة، والغُربة الثَّانِية: فِي آخِر الزَّمان،
وَهذه أشَدُّ مِن الأولَى؛ لأنَّه في آخِر الزَّمَان لَيسَ عِندَهم أنْصَار وَلا
أعْوَان؛ ولِهَذا عَظُم أجرُهُم. وَقد قَال: صلى الله عليه وسلم: «بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ
كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلغُرَبَاءِ» ([1]).
يَعنِي
فِي قَولِه: «لَهُ أَجْرُ
خَمْسِينَ» ([2])
لَيسَ مَعنَاه: أنَّ المُتمسِّك بِالدِّين فِي آخِرِ الزَّمان يَكونُ أفْضَل مِن
الصَّحَابة مِن كُلِّ وَجهٍ، وَإنَّما هُو أفْضَل مِن الصَّحَابة فِي هَذه
النَّاحِية فَقَط، وأمَّا الصَّحَابة فَهُم أفْضَل مِنه فِي أمُورٍ كَثيرَة
أعْظَمها صُحبَة الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم.
ويقولون: الفضِيلَة الخَاصَّة لا تَقضِي عَلى الفَضيلَة العَامَّةِ، فَالصَّحابَة أفْضَل مِن حَيثُ العُمومِ، ولَهُم فَضائِل كَثيرةٌ، والمُتأخِّرون إِنَّما عِندَهم فَضيلَة وَاحِدة: وَهِي التَّمسُّك بِالدِّين مَع شِدَّة الغُربَة.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (145).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد