وهذه المسألة هي التي بنى الشيخ رحمه الله هذا الكتاب عليها، وهي بيان
الوسيلة الصحيحة، والوسيلة الباطنة.
والوسيلة الصحيحة: هي الأعمال الصحيحة.
والوسيلة الباطنة: هي اتخاذ الأشخاص وسائط بين الناس وبين الله في قضاء
حوائجهم ورفع حوائجهم إلى الله عز وجل.
وأما احتجاجهم بقوله تعالى: ﴿وَٱبۡتَغُوٓاْ
إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ﴾ [المائدة: 35]، وأن الوسيلة هي الأشخاص، فهذا تفسير
باطل لا تجدونه في كتب التفسير.
وكذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ
ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ﴾ [الإسراء: 57]، أي: يدعوهم المشركون، وهم: عزير، وعيسى،
ومريم، والملائكة، يدعونهم من دون الله، ﴿وَيَقُولُونَ
هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ﴾ [يونس: 18]، فأخبر
الله أن هؤلاء عباد، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ
تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمۡثَالُكُمۡۖ﴾ [الأعراف: 194].
بل إن من العجب أن الإنسان الحي القادر يدعو الميت الهامد من دون الله،
ويزعم أنه يقربه إلى الله زلفى، الميت الذي انتهى عمله، ولا يستطيع الزيادة من
العمل، ولا التوبة من الذنوب، ولا التصرف، يأتي هذا الحي يدعوه من دون الله،
ويستشفع به إلى الله، كحال عباد القبور عند القبور والأضرحة، يطوفون بها، ويذبحون
لها، وينذرون لها، ويقولون: هؤلاء رجال صالحون، ونحن نتوسط بهم إلى الله عز وجل،
وهذا هو نفس قول المشركين الأولين ﴿مَا
نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ﴾ [الزمر: 3]، ﴿وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ
شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ﴾ [يونس: 18]، لكن سبحان الله! يقرؤون القرآن ولا
يتأملونه، وإنما يأخذون دينهم عن العوائد، أو الأشخاص، وأهل الضلال الذين ليسوا
على حق، يقلدونهم، لا يأخذون دينهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما يأخذونه
عن
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد