×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

الناس، ولو ضايقوه، فليصبر على هذا؛ لأن هذا شيء حصل للأنبياء وللدعاة، والمجددين، فلم يثنهم ذلك عن المضي في سبيل الدعوة.

لكن هذا يحتاج إلى عمل قبل، فيتعلم الإنسان قبل أن يباشر الدعوة، يتعلم حتى يواجه الشبهات، ويواجه الاعتراضات لإبطالها، أما إذا كان ليس عنده علم، فسينهزم لأول مرة، فيجب التسلح بالعلم حتى يدحض الإنسان هذه الحجج، ويقيم الحجج الصحيحة، ويوضحها للناس، ﴿لِّيَهۡلِكَ مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَيِّنَةٖ وَيَحۡيَىٰ مَنۡ حَيَّ عَنۢ بَيِّنَةٖۗ [الأنفال: 42].

قوله: «فَالحَلاَلُ مَا حَلَّلَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ: ليس لأحد أن يحلل أو يحرم من عنده، فمن فعل ذلك فقد جعل نفسه شريكًا لله عز وجل، قال تعالى: ﴿أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ [الشورى: 21] فالذي يحلل ويحرم من غير دليل قد اتخذ نفسه شريكًا لله؛ كما قال تعالى عن اليهود والنصارى: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشۡرِكُونَ [التوبة: 31].

وقد كان عدي بن حاتم رضي الله عنه على دين النصرانية قبل أن يسلم، وكان أبوه وأهل طيءٍ على دين النصرانية، فلما جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأعلن إسلامه سمع هذه الآية، قال: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ». ففهم رضي الله عنه أن العبادة هي الركوع والسجود لهم، فقال صلى الله عليه وسلم: «أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَتُحَرِّمُونَهُ، وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتَسْتَحِلُّونَهُ؟»، قال: بَلَى، قال صلى الله عليه وسلم: «فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ» ([1]).


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (3095)، والطبراني في الكبير رقم (218)، والبيهقي في الكبرى رقم (20350).