قوله: «وَلَكِنَّ الْكُفَّارَ
يَتَفَاضَلُونَ فِي الْكُفْرِ» أي: يزيد بعضهم على بعض في الكفر، فالكفر ليس
على حد سواء، فكفر أبي طالب أخف من كفر غيره من الوثنيين، وكفر أصحاب النسيء أشد
من كفر غيرهم، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلنَّسِيٓءُ
زِيَادَةٞ فِي ٱلۡكُفۡرِۖ﴾ [التوبة: 37].
والنسيء: هو تغيير مواقيت العبادة، كميقات الحج، وأشهر الحج.
وكان المشركون يتلاعبون بها، وكذلك الأشهر الحرم التي حرم الله فيها القتال
كانوا يتلاعبون بها، فيقدمون ويؤخرون تغييرًا لدين الله عز وجل، وهذا أشد ما يكون
من الكفر، وهو تغيير شرائع الله عز وجل، فالكفر يتفاوت كما أن الإيمان يتفاوت،
وبعض المؤمنين أكمل إيمانًا من غيرهم.
قوله: «كَمَا يَتَفَاضَلُ أَهْلُ الإِيمَانِ فِي الإِْيمَانِ قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا ٱلنَّسِيٓءُ زِيَادَةٞ فِي ٱلۡكُفۡرِۖ﴾ [التوبة: 37] ». فالإيمان يزيد وينقص، كما هي عقيدة أهل السنة والجماعة، خلافًا للمرجئة الذين يقولون: الإيمان شيء واحد لا يزيد ولا ينقص، وهذا باطل، بل الإيمان يزيد وينقص بنص القرآن، قال تعالى: ﴿وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا﴾ [الأنفال: 2]، وقال صلى الله عليه وسلم: «يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ» ([1])، فهذا دليل على أنه ينقص حتى يبلغ مثقال حبة من خردل، فالإيمان يتفاضل في قلوب الناس، وليس الناس على حد سواء في الإيمان.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (22)، ومسلم رقم (184).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد