×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

فهذه الآية من جملة الآيات القرآنية في الولاء والبراء، الولاء لأولياء الله، والبراءة من أعداء الله، ولا يعني ذلك أننا نظلمهم، أو نجور عليهم، قال تعالى: ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا [المائدة: 8]، فالعدل واجب مع المسلم والكافر وجميع الخلق، فلا نظلم الكفار، ولا نعتدي على حقوقهم، وليس معنى ذلك أننا لا نتعامل معهم في المباحات من بيع وشراء وتبادل مصالح، وليس معنى ذلك أننا لا نتعاهد معهم إذا اقتضت المصلحة، وليس معنى ذلك أننا لا نؤمنهم ونجلبهم إلى بلادنا من أجل أعمال يقيمون بها لمصلحة المسلمين إذا كان المسلمون لا يحسنونها، فلا مانع من أن يستجلب الخبراء منهم، ولا مانع من أن يفتح بيننا وبينهم السفارات، إنما الحربيون هم الذين لا نسمح أن يفتحوا سفارة عندنا، أما المعاهدون فنسمح أن يفتح لهم سفارة، ويكون بيننا وبينهم مراسلات في المصالح المشتركة، وكل هذا ليس من الولاء والبراء، بل هو من المصالح التي لا بد منها.

فالولاء والبراء ليس معناه أن المسلمين يقطعون الكفار نهائيًّا، ولا يكون بينهم صلة أبدًا، إنما هو في أمور الدين، أما في أمور الدنيا فلا نقاطعهم، إلا إذا كانوا حربيين ليس بيننا وبينهم عهد، أما إذا كانوا معاهدين، أو ذميين، أو مستأمنين، فنحن نتبادل معهم المصالح التي فيها خير لنا ومنفعة للمسلمين.

فيجب أن يفهم هذا؛ لأن الناس في هذا على طرفي نقيض بين من يتشدد في الولاء والبراء حتى يحرم التعامل مع الكفار، ويعتبره من الموالاة، وهذا غلط، أو يتساهل في الولاء والبراء ويقول: الناس سواء، وإخوة في الإنسانية، والحق هو الوسط الذي جاء به القرآن والسنة.


الشرح