ثم لما أمر بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام استثنى شيئًا حصل من إبراهيم،
فلا نقتدي به فيه، وهو أنه قال لأبيه: ﴿لَأَسۡتَغۡفِرَنَّ
لَكَ﴾ [الممتحنة: 4]، وقال: ﴿وَٱغۡفِرۡ
لِأَبِيٓ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ﴾ [الشعراء: 86]،
فهذا لم يقره الله عليه، ولا نقتدي به في ذلك، وهو عليه السلام تراجع عن هذا، قال
تعالى: ﴿وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ
إِبۡرَٰهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةٖ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا
تَبَيَّنَ لَهُۥٓ أَنَّهُۥ عَدُوّٞ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ﴾ [التوبة: 114]، فلا
يقال: نستغفر للكافر والمشرك؛ لأن إبراهيم عليه السلام استغفر لأبيه، لأن هذا شيء
منسوخ ومنهي عنه، استثناه الله بقوله: ﴿إِلَّا
قَوۡلَ إِبۡرَٰهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسۡتَغۡفِرَنَّ لَكَ و﴾فهذا لا يمكن أن
يقال، وإبراهيم عليه السلام تراجع عنه.
قال تعالى: ﴿وَمَآ أَمۡلِكُ
لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۖ﴾ [الممتحنة: 4]، إذا كان إبراهيم الخليل عليه السلام لا
يملك لأبيه من الله شيئًا، فكيف بغيره؟ وهذا يبطل التوسل البدعي الذي هو موضوع هذه
الرسالة، وهو التوسل بالشخص أو بجاهه، كأن يقال: أسألك بفلان، أو بجاه فلان، أو
يعتمد على قرابته من الأنبياء والصالحين، وأنهم ينفعون بموجب القرابة، وهذا سيأتي
أنه لا ينفع، فمجرد القرابة لا تنفع حتى مع أقرب الناس إلى الله عز وجل، وسيأتي أن
نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم قال لأقرب الناس إليه: «لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» ([1]).
فلا يعتمد الإنسان على قرابته من النبي أو الولي، وأنه سيغفر له بموجب ذلك، ويترك العمل ويترك التوبة، كما يظنه الجهال والمخرفون.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1402)، ومسلم رقم (987).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد