×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

ثم توجه عليه الصلاة والسلام إلى الله بالدعاء ﴿رَّبَّنَا عَلَيۡكَ تَوَكَّلۡنَا، أي: فوضنا أمورنا إليك لا إلى غيرك ﴿وَإِلَيۡكَ أَنَبۡنَا رجعنا إليك بالتوبة والاستغفار وطلب الحاجات، ﴿وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِيرُ [الممتحنة: 4]، أي: المنتهى يوم القيامة، والجزاء على الأعمال، فإلى الله المصير سبحانه وتعالى، فيُجازي كل عامل بعمله.

ثم قال: ﴿رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ، أي: لا تطمع بنا الكفار؛ حيث إنهم يفتتنون، ويزيد شرهم على المسلمين، ويزيد كفرهم وطغيانهم، هذا دعاء بأن الله لا يمكن الكفار من المسلمين؛ لأنهم لو تمكنوا صار ذلك فتنة لهم، وزيادة في الكفر والطغيان، ثم قال: ﴿وَٱغۡفِرۡ لَنَا، طلب من الله المغفرة، فدل على أن العبد بحاجة إلى المغفرة، ولو كن من أتقى الناس، فهذا إبراهيم عليه السلام من أتقى الناس بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يزك نفسه، بل طلب من الله المغفرة، فهذا فيه دليل على حاجة الإنسان للاستغفار، وألا يعجب بعمله، أو يظن أنه غني عن الاستغفار، أو يظن أنه ما فعل شيئًا يحتاج إلى الاستغفار، وأنه أكمل العبادة، بل الإنسان مقصر مهما كان.

قال: ﴿إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ [الممتحنة: 5] ختم الآية باسمين من أسماء الله، ﴿ٱلۡعَزِيزُ القوي، ﴿ٱلۡحَكِيمُ الذي يضع الأمور في مواضعها، والحكيم هو الذي يتقن الأشياء، فالحكيم له معنيان: الذي يضع الأمور في مواضعها، والذي يتقن الأشياء ويحكمها، وهو الله سبحانه وتعالى، وهذا توسل بأسمائه سبحانه وتعالى، فدل على جواز التوسل بأسماء الله؛ كما قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ [الأعراف: 180].

ولماذا قال: ﴿إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ [الممتحنة: 5]، ولم يقل: إنك أنت الغفور الرحيم؟ لأنه قال: ﴿لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ [الممتحنة: 5]؛ 


الشرح