×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 ليس هناك بعث، ولا أحد يرجع إلى الدنيا أبدًا، قال تعالى: ﴿أَلَمۡ يَرَوۡاْ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ أَنَّهُمۡ إِلَيۡهِمۡ لَا يَرۡجِعُونَ [يس: 31] لا يمكن أن يرجع أحد، لا والد الرسول ولا غيره إلى أن يبعث يوم القيامة، فهذا من الخرافات والكذب الذي ما أنزل الله به من سلطان.

فدل على هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يملك لأقرب الناس إليه شيئًا إذا لم يكن ذلك بسبب إيمانه، وتوحيده، ولا يعتمد على مجرد القرابة.

وبالمناسبة الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكرر الزيارة لقبر أمه حتى يتعلق هؤلاء بالزيارة الآن، ولا ثبت عنه أنه زارها غير المرة هذه، ولا ثبت عن أصحابه أنهم كانوا يزورونها، فلا دليل على زيارتها والتردد عليها، وإنما هؤلاء يتعلقون بالأوهام والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان.

وقوله: «فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ المَوْتَ» لما كان الناس حديثي عهد بكفر كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن زيارة القبور؛ سدًّا للذريعة؛ لأنهم كانوا في الجاهلية يعبدون الأموات، والأولياء، والصالحين، فلما استقر التوحيد في قلوبهم، وعرفوا التوحيد والشرك، أذن لهم في زيارة القبور الزيارة الشرعية، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورَ فَزُورُوهَا» هذا نسخ للنهي، «فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُم الآْخِرَةَ» ([1]).

فالمقصود من زيارة القبور والزيارة الشرعية شيئان:

الأول: اعتبار وتذكر بالآخرة، فإذا رأيت الأموات تحت التراب، وأنهم كانوا في الأمس يمشون على وجه الأرض، ويأكلون، ويشربون، ويصولون، ويجولون، والآن صاروا تحت التراب، تذكر أنك في أقرب


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (3235)، والترمذي رقم (1054)، والنسائي رقم (4429)، وأحمد رقم (1236) واللفظ له.