×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَأَمَّا شَفَاعَتُهُ وَدُعَاؤُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ فَهِيَ نَافِعَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ شَفَاعَتُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي زِيَادَةِ الثَّوَابِ وَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْبِدْعَةِ يُنْكِرُهَا.

**********

الشرح

قوله: «وَأَمَّا شَفَاعَتُهُ وَدُعَاؤُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ فَهِيَ نَافِعَةٌ» الذي يملكه صلى الله عليه وسلم هو الدعاء والشفاعة المشروعة بالشروط، هذا هو الذي ملكه الله إياه، وهي سبب من الأسباب، أما تحصيل النتيجة، فهي بيد الله عز وجل، قال تعالى: ﴿وَلَا يَمۡلِكُ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ [الزخرف: 86]، هذا دليل على أن الشفاعة لا تنفع إلا أهل التوحيد الذين شهدوا بالحق، وقالوا: لا إله إلا الله، وهم يعلمون معناها، ويعملون بمقتضاها، فالمشرك والكافر والملحد لا تقبل فيهم الشفاعة بتاتًا، قال تعالى: ﴿وَلَا يَمۡلِكُ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَٰعَةَ، وقال: ﴿أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَۚ قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُواْ لَا يَمۡلِكُونَ شَيۡ‍ٔٗا وَلَا يَعۡقِلُونَ ٤٣قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَٰعَةُ جَمِيعٗاۖ لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ٤٤ [الزمر: 43، 44]، ولا تكون الشفاعة إلا بإذنه، قال تعالى: ﴿مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ [البقرة: 255].

فقول إبراهيم عليه السلام لأبيه: ﴿لَأَسۡتَغۡفِرَنَّ لَكَ.، ثم قال: ﴿وَمَآ أَمۡلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۖ [الممتحنة: 4]، دليل على أن الاستغفار مجرد سبب قد ينفع وقد لا ينفع، وقد بين الله أن استغفار إبراهيم لأبيه إنما كان قبل أن يعلم إبراهيم أن أباه عدو لله، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥٓ أَنَّهُۥ عَدُوّٞ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ [التوبة: 114]، واستثنى الله - كما سبق - أن نقتدي بإبراهيم في ذلك، وقال: ﴿قَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ إلى قوله: ﴿إِلَّا قَوۡلَ إِبۡرَٰهِيمَ لِأَبِيهِ أي: فلا تتخذوه قدوة في


الشرح