×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 والشاهد من الحديث: أنه يستغيث بالرسول صلى الله عليه وسلم لينقذه من هذا الموقف يوم القيامة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول له: «لاَ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ»، أي: بلغتك في الدنيا أن هذا أمر محرم، وأن هذا أمر لا يجوز، فعصيتني وخالفت أمري، وارتكبت ما نهيت عنه، فالآن أنا لا أملك لك من الله شيئًا؛ كما قال لأقاربه في الحديث السابق: «لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا»، وقال تعالى: ﴿قُلۡ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ لَكُمۡ ضَرّٗا وَلَا رَشَدٗا [الجن: 21]، وإنما الرسول صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله، وقد بلغ البلاغ المبين، فلا عذر لمن يأتي يوم القيامة ويطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يغيثه ولا مغيث.

والاستغاثة: طلب النجدة عند الخطر. قال تعالى: ﴿فَٱسۡتَغَٰثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِي مِنۡ عَدُوِّهِۦ [القصص: 15]، فالاستغاثة أخص من الاستعانة، الاستعانة تكون في الأمور العادية، ولكن الاستغاثة أخص ما تكون إلا في الضرورات.

والاستغاثة على قسمين:

الأول: استغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه، فلا بأس بها، قال تعالى: ﴿فَٱسۡتَغَٰثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِي مِنۡ عَدُوِّهِۦ الثاني: الاستغاثة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله، فهذه شرك أكبر يخرج من الملة، كالاستغاثة بالأموات، أو بالأحياء فيما لا يقدرون عليه، فالميت لا يقدر على شيء أصلاً، وأما الحي فقد يقدر على بعض الأشياء، ولا يقدر على أشياء أخرى مما هي من اختصاص الله سبحانه وتعالى فيستغاث به فيما يقدر عليه في الدنيا وفي الآخرة، فإذا بعث الناس وصاروا أحياء حاضرين يستغاث به فيما يقدر عليه، مثل ما يحصل من أهل الموقف 


الشرح