وإنما قيدوه بالنصوص
الأخرى، فنفي الشفاعة مطلقًا مقيد بأن ذلك في الكفار والمشركين، وليس ذلك في عصاة
الموحدين، فلا متعلق لهم بهذه الآيات.
وفي قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا
بَيۡعٞ فِيهِ وَلَا خُلَّةٞ وَلَا شَفَٰعَةٞۗ وَٱلۡكَٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ﴾ [البقرة: 254]،
قال: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ
يَوْمٌ لاَ بَيْعٌ فِيهِ﴾ يوم القيامة ليس فيه بيع، فلن تشتري حسنات، ﴿وَلَا خُلَّةٞ﴾ في الدنيا يصير لك
خليل يساعدك، قد يعطيك من ماله، وقد يتوجه لك عند أحد، هذه الخلة تنفع في الدنيا،
أما في الآخرة فيتبرأ منك، حتى الوالد يتبرأ من ولده، والولد يتبرأ من والده،
وكلٌّ مشغول بنفسه، قال تعالى: ﴿يَوۡمَ يَفِرُّ
ٱلۡمَرۡءُ مِنۡ أَخِيهِ ٣٤وَأُمِّهِۦ وَأَبِيهِ ٣٥وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ ٣٦﴾ [عَبَسَ: 34-36] والسبب: ﴿لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ
مِّنۡهُمۡ يَوۡمَئِذٖ شَأۡنٞ يُغۡنِيهِ﴾ [عبس: 37]، كل واحد مشغول بنفسه، هل ينجو أو لا
ينجو؟
فهذه الآية إنما هي في الكفار، والكفار يوم القيامة ليس لهم حيلة، لا بد من
دخولهم النار والخلود فيها، فليس هناك سبب ينجيهم منها؛ لأنهم لم يقدموا سبب
النجاة في الدنيا، والآخرة ليس فيها أسباب، قال تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ
مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ وَلَوۡ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِذۡ يَرَوۡنَ
ٱلۡعَذَابَ أَنَّ ٱلۡقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعَذَابِ
١٦٥إِذۡ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَ
وَتَقَطَّعَتۡ بِهِمُ ٱلۡأَسۡبَابُ ١٦٦﴾ [البقرة: 165، 166]،
فالأسباب إنما هي في الدنيا، أما الآخرة فليس فيها أسباب، ليس للعبد إلا عمله الذي
قدمه في دنياه، خيرًا كان أو شرًا، فلا متعلق لهم - ولله الحمد - في هذه الآيات.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد