×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

هذا الذي أمر به المسيح عليه السلام كإخوانه من المرسلين، ما قال: أنا ابن الله، أو أنا شريك لله، أو ثالث ثلاثة، والله جل وعلا يقول: ﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا عَبۡدٌ، أي: المسيح ﴿أَنۡعَمۡنَا عَلَيۡهِ وَجَعَلۡنَٰهُ مَثَلٗا لِّبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ [الزخرف: 59]، وقال عز وجل: ﴿لَّن يَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبۡدٗا لِّلَّهِ وَلَا ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ٱلۡمُقَرَّبُونَۚ [النساء: 172]، لن يستنكفوا أن يكونوا عبادًا لله، ولا يدعون منزلة ليست لهم، والعبودية هي أجل المقامات، وكفى شرفًا للإنسان أن ينبذ عبادة الشيطان وعبادة الهوى، ويكون عبدًا لله على حق وعلى بصيرة، والعبودية تنقسم إلى قسمين:

الأول: عبودية خاصة، وهي عبودية الخضوع لله والعبادة لله.

الثاني: عبودية عامة، بمعنى أن كل الناس يملكهم الله جل وعلا، فهو الذي خلقهم، وتجري عليهم أقداره سبحانه وتعالى، يصرفهم كيف يشاء، قال تعالى: ﴿إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا [مريم: 93].

والعبودية الخاصة هي تشريف للعبد، ولهذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأجل وصف أنه عبد الله، قال تعالى: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ [الإسراء: 1]، وقال: ﴿وَإِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا [البقرة: 23]، أي: محمد صلى الله عليه وسلم، فالذين يغلون فيه، ويزعمون أنه ينفع ويضر من دون الله، وأنه يقضي حوائج الناس بعد موته، هذا من جنس ما يعتقده المشركون الأولون في معبوداتهم نسأل الله العافية، فهم يخرجون العبد عن العبودية، ويجعلونه إلهًا مع الله عز وجل، إما بأنه يملك النفع والضر، ويعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، وإما بأنه ولد لله، وجزء من الله، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا.


الشرح