×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 قوله: ﴿بَلۡ عِبَادٞ مُّكۡرَمُونَ [الأنبياء: 26] من الله جل وعلا؛ لأن العبودية لله كرامة.

وقوله: ﴿لَا يَسۡبِقُونَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ [الأنبياء: 27]، أي: لا يتقدمون على الله بالاقتراحات، أو أن الله يفعل كذا، أو يفعل كذا، بل إنهم مصغون لأمر الله جل وعلا، فما أمرهم به نفذوه، وما لم يأمر به توقفوا عنه.

قوله: ﴿وَهُم بِأَمۡرِهِۦ يَعۡمَلُونَ، أي: إذا أصدر إليهم أمرًا بادروا إلى تنفيذه، وهذه العبودية لله عز وجل.

قوله: ﴿يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ [الأنبياء: 28] علمه محيط بهم، لا يخفى عليه شيء، وأما الله جل وعلا فلا أحد يحيط به، قال تعالى: ﴿يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا [طه: 110]، والمسيح يقول: ﴿تَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِي وَلَآ أَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِكَۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ [المائدة: 116].

قوله: ﴿وَلَا يَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ٱرۡتَضَىٰ [الأنبياء: 28] هذا محل الشاهد، فمع ما أعطاهم الله من الكرامات والأوصاف التي ذكرها في هذه الآية لا يتقدمون بالشفاعة عند الله إلا بعد أن يأذن الله لهم ويرضى، وأفضل الشفعاء وسيد الشفعاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إذا طلبت منه الأمم يوم القيامة أن يدعو الله لهم بأن يريحهم من الموقف الذي طال وشق عليهم، لا يبادر ويطلب من الله أن يحاسب العباد، بل يخر ساجدًا بين يدي ربه حتى يُقال له: «يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ([1])، ما يشفع إلا بعد إذن الله له.

وقوله: ﴿وَهُم مِّنۡ خَشۡيَتِهِۦ مُشۡفِقُونَ [الأنبياء: 28]، أي: خائفون من الله جل وعلا، فدل على أنهم عباد، ولا يصلحون أن يكونوا آلهة، أو يملكون من الأمر شيئًا.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3340)، ومسلم رقم (193).