قال تعالى: ﴿ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ
عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ﴾ [الأعراف: 54]، أي: علا وارتفع على العرش، والعرش: سقف
المخلوقات، وسقف الجنة، وهو أعلى شيء ([1])، وهو مخلوق عظيم،
والله جل وعلا مستو - أي: مرتفع - فوق عرشه، فوق مخلوقاته.
ثم قال: ﴿مَا لَكُم مِّن
دُونِهِۦ مِن وَلِيّٖ وَلَا شَفِيعٍۚ﴾ [السجدة: 4] يتولاكم لو
تخلى الله عنكم، قال تعالى: ﴿أَمَّنۡ
هَٰذَا ٱلَّذِي يَرۡزُقُكُمۡ إِنۡ أَمۡسَكَ رِزۡقَهُۥۚ﴾ [الملك: 21]، وقال:
﴿قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ
أَصۡبَحَ مَآؤُكُمۡ غَوۡرٗا فَمَن يَأۡتِيكُم بِمَآءٖ مَّعِينِۢ﴾ [الملك: 30]، إذا
نشفت الأرض، وصارت قاحلة ليس فيها ماء أبدًا، ولا ينزل عليها مطر من السماء، فمن
الذي يأتيكم بالماء؟ الله جل وعلا هو الذي بيده الأمور.
ومحل الشاهد من هذه الآية قوله تعالى: ﴿وَلَا
شَفِيعٍۚ﴾ [السجدة: 4] أي: ليس لكم غير الله، والشفاعة ملك لله،
وهو سبحانه الذي يأذن بها، فلا تطلب من غيره، بل تُطلب من الله، فالميت لا يُطلب
منه شفاعة أصلاً، وأما الحي الحاضر فتُطلب منه الشفاعة، ولا تنفع شفاعته إلا أن
يأذن الله له ويرضى، كما يفعل النبي صلى الله عليه وسلم في المقام المحمود.
قال تعالى: ﴿وَلَا يَمۡلِكُ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَٰعَةَ﴾، فالشفاعة منتفية عن المشرك والكافر، ولا تُقبل فيه شفاعة أبدًا ﴿إِلَّا مَن شَهِدَ بِٱلۡحَقِّ﴾، أي: أهل التوحيد، فالشفاعة إنما تنفع أهل التوحيد، ﴿وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ [الزخرف: 86] أي: يعلمون معنى «لا إله إلا الله»، ويعملون بمقتضاها، فليس المراد من «لا إله إلا الله» التلفظ بحروفها من غير معرفة لمعناها. ثم - أيضًا - ليس القصد معرفة معناها فقط، بل لا بد من العمل بمقتضاها وما تدل عليه.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2790).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد